كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 9)

وإن حلف لا يبتدئه بكلام فتكلما معا حنث وإن حلف لا يكلمه حينا فذلك ستة أشهر نص عليه وإن قال زمنا أو دهرا أو بعيدا أو مليا رجع إلى أقل ما يتناوله اللفظ.
__________
كان سبب يمينه يقتضي هجرانه فإنه يحنث.
"وإن حلف لا يبتدئه بكلام" أو لا كلمت فلانا حتى يكلمني أو حتى يبدأني بكلام "فتكلما معا حنث" في الأصح لأن كل واحد منهما مبتدئ إذ لم يتقدمه كلام سواه وفي الرعاية قلت لا لكن إذا قال لا بدأته بكلام فتكلما معا لم يحنث جزم به في المحرر والوجيز لعدم البداية والثاني بلى لما تقدم وأطلقهما في الفروع.
"وإن حلف لا يكلمه حينا" ولم ينو شيئا "فذلك ستة أشهر نص عليه" لأن الحين المطلق في كلام الله تعالى أقله ستة فيحمل مطلق كلام الآدمي عليه قال في الفروع ويتوجه أقل زمن يقع على القليل كالكثير لقوله تعالى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]
فإن قلت ترد للسنة لقوله تعالى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 20] ويراد به يوم القيامة لقوله تعالى {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88] ويراد به ساعة لقوله تعالى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} ويقال جئته منذ حين وإن كان أتاه من ساعة ويراد به مدة طويلة لقوله تعالى {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: 54] فالجواب أنه يصح الإطلاق في ذلك كله وإنما الكلام في الإطلاق الخالي عن الإرادة مع أن عكرمة وسعيد بن جبير وأبا عبيدة قالوا في قوله تعالى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 20] ستة أشهر واختلف فيها عن ابن عباس وما استشهدوا به من المطلق في كلام الله تعالى فما ذكرناه أقل فحمل على اليقين وقيل إن عرفه فللأبد كالدهر والعمر أما إذا قيد لفظه أو بينه بزمن فإنها تتقيد به "وإن قال زمنا أو دهرا أو بعيدا أو مليا رجع إلى أقل ما يتناوله اللفظ" جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأن ما زاد عليه مشكوك في إرادته والأصل عدمه . وعند

الصفحة 265