كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 9)

وإن دق عليه إنسان فقال "ادخلوها بسلام آمنين" يقصد تنبيهه لم يحنث وإن حلف لا يضرب امرأته فخنقها أو نتف شعرها أو عضها حنث
__________
قول أكثر العلماء لأن الكلام في العرف لا يطلق إلا على كلام الآدميين وقال زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام وأمر الله تعالى زكريا بالتسبيح مع قطع الكلام عنه وقال إن قرأ في الصلاة لم يحنث وإلا حنث ومقتضى مذهبه أنه يحنث لأنه كلام كقوله تعالى {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26] وقوله عليه السلام "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان" الخبر والأول أشهر لأن ما لا يحنث به في الصلاة لا يحنث به خارجا منها كالإشارة وما ذكروه يبطل بذكر الله تعالى المشروع في الصلاة.
"وإن دق عليه إنسان" بابه "فقال ادخلوها بسلام آمنين" يقصد تنبيهه بالقرآن "لم يحنث" لأن هذا من كلام الله تعالى ويمينه إنما تنصرف إلى كلام الآدميين قال ابن المنجا فإن قيل لو قال ذلك في الصلاة لبطلت ولو لم يكن من كلام الآدميين لما بطلت قيل في ذلك منع وإن سلم فالفرق أن الصلاة لا تصح إلا بالقرآن وقد وقع التردد فيه أن ذلك قرآن ولا يصح مع الشك في شرطها بخلاف الحلف فإن شرط الحنث فيه كون المتكلم به كلام الآدميين وقد وقع التردد فيه فلا يحنث بالشك في شرطه وفي المذهب وجه وظاهره أنه إذا لم يقصد القرآن أنه يحنث ذكره الأصحاب لأنه من كلام الآدميين وحقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه ذكره في الانتصار قال الشيخ تقي الدين الكلام يتضمن فعلا كالحركة ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني فلهذا يجعل القول قسما للفعل وقسما آخر وينبني عليه من حلف لا يعمل عملا فقال قولا كالقراءة هل يحنث فيه وجهان
فرع: إذا حلف لا يسمع كلام الله فسمع القرآن فإنه يحنث إجماعا قاله أبو الوفاء
وإن حلف لا يضرب امرأته فخنقها أو نتف شعرها أو عضها-

الصفحة 272