كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 9)

فإن كان جلدا وخشي عليه من السوط أقيم بأطراف الثياب والعثكول ويحتمل أن يؤخر في المرض المرجو زواله
__________
وقاله إسحاق وأبو ثور لأن عمر أقام الحد على قدامة بن مظعون في مرضه ولم يؤخره وانتشر ذلك في الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع ولأن الحد واجب على الفور ولا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة وقال القاضي: ظاهر قول الخرقي له تأخيره وهو قول الأكثر لحديث علي في التي هي حديثة عهد بنفاس ولأن في تأخيره إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف فكان أولى ومرض قدامة يحتمل أنه كان خفيفا لا يمنع من إقامة الحد على الكمال ثم إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم تقدم على فعل عمر مع أنه اختيار علي وفعله وكذا الحكم في تأخيره لحر أو برد مفرط.
"فإن كان جلدا وخشي عليه من السوط" لم يتعين على الأصح "أقيم بأطراف الثياب والعثكول" لما روى أبو أمامة بن سهل عن سعد بن عبادة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يأخذوا شمراخا فيضربوه بها ضربة" رواه أحمد وابن ماجة ورواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن عن أبي أمامة عن بعض الصحابة من الأنصار ورواه سعيد عن سفيان عن أبي الزناد ويحيى بن سعيد سمعا أبا أمامة مرسلا قال ابن المنذر في إسناده مقال ولأنه لا يجوز تركه بالكلية لأنه يخالف الكتاب والسنة ولا جلده تاما لأنه يفضي إلى إتلافه فتعين ما ذكرنا " ويحتمل أن يؤخر في المرض المرجو زواله" لأن في تأخيره استيفاء الحد على وجه الكمال من غير خوف فواته وبه فارق المريض الذي لا يرجى زواله لأنه يخاف فوات الحد.
فرع: ذكر الخرقي أن العبد يضرب بدون سوط الحر لأن حده أقل عددا فيكون أخف سوطا والظاهر التسوية بينهما فيه لقوله تعالى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ولا يتحقق التنصيف إذا نصفنا العدد إلا مع تساوي الشريطين .

الصفحة 45