كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 9)

ثم لجأ إليه لم يستوف منه فيه ولكن لا يبايع ولا يشارى حتى يخرج فيقام عليه.
__________
للنص وفي التعليق وجه أن حرم المدينة كمكة لما روى مسلم عن أبي سعيد مرفوعا قال "إني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها ألا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال" ثم لجأ إليه" أي إلى الحرم "لم يستوف منه فيه" في ظاهر المذهب قال أبو بكر والعمل عليه.
وعنه يستوفى فيه كل شيء إلا القتل لقوله عليه السلام "لا يسفك فيها دم" ولا شك أن حرمة النفس أعظم فلا يقاس عليها غيرها وقال بعض الأئمة يستوفى منه الكل للعمومات ولأنه عليه السلام قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ولأنه حيوان أبيح قتله لعصيانه أشبه الكلب العقور وجوابه قوله تعالى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [آل عمران: 97] أي فأمنوه لأنه خبر أريد به الأمر ولأنه عليه السلام حرم سفك الدم بها وقوله عليه السلام "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم" يدفع ما احتجوا به من قتل ابن خطل وقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم" رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأبي شريح وقال ابن عمر لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هيجته رواه أحمد.
وكذا إذا لجأ إليه حربي أو مرتد لم يجز أخذه به فيه كحيوان صائل ذكره المؤلف "ولكن لا يبايع ولا يشاري" لقول ابن عباس وفي المستوعب والرعاية ولا يكلم نقله أبو طالب زاد في الروضة ولا يأكل ولا يشارب لأنه لو أطعم أو أووي لتمكن من الإقامة دائما فيضيع الحق حتى يخرج فيقام عليه في قول ابن عباس في الذي يصيب حدا ثم يلجأ إلى الحرم يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم حكاه أحمد نقله الأثرم وروي عن عمر وابن الزبير.
قال الزهري من قتل في الحل ثم دخل الحرم أخرج إلى الحل فيقتل فيه ومن قتل في الحرم قتل فيه وهذا هو السنة والآدمي حرمته عظيمة وإنما أبيح قتله لعارض أشبه الصائل من الحيوانات المباحة فإن الحرم لا يعصمها فلو استوفى

الصفحة 52