كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 9)

باب حد الزنا
إذا زنى الحر المحصن
__________
قال أحمد: لا تقام الحدود بأرض العدو ونقل صالح وابن منصور إن زنى الأسير أو قتل مسلما ما أعلمه إلا أن يقام عليه الحد إذا رجع لما روى بشر بن أرطأة أنه أتى برجل في الغزاة قد سرق فقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا تقطع الأيدي في الغزاة لقطعتك" رواه أبو داود وغيره وهو إجماع الصحابة ولأنه إذا رجع أقيم عليه الحد في دارنا لعموم الآيات والأخبار فإن تأخيره لعارض من مرض أو شغل جائز فإذا زال أقيم عليه لوجود المقتضى السالم عن المعارض.
مسألة: تقام الحدود في الثغور بغير خلاف نعلمه لأنها من بلاد الإسلام والحاجة داعية إلى زجر أهلها كالحاجة إلى زجر غيرهم وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة أن يجلد من شرب الخمر ثمانين وهو بالشام بالثغور والله أعلم.
باب حد الزنى
وهو فعل الفاحشة في قبل أو دبر وهو من أكبر الكبائر لقوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32] {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} الآية [الفرقان: 68] ولما روى ابن مسعود قال "سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قال ثم أي قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قال ثم أي قال أن تزاني حليلة جارك" متفق عليه وكان حده في ابتداء الإسلام الحبس في البيت والأذى بالكلام لقوله تعالى {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} الآية [النساء: 15] والمراد الثيب لأن قوله {مِنْ نِسَائِكُمْ} إضافة زوجية لقوله تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] ولا فائدة في الإضافة هنا إلا اعتبار الثيوبة وقد ذكر عقوبتين إحداهما أغلظ من الأخرى فأثبت الأغلظ للثيب والأخرى للبكر ثم نسخ بما رواه مسلم من حديث عبادة مرفوعا "خذوا

الصفحة 54