كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 9)

وإن شهدا أنه زنى بها مطاوعة وشهد آخران أنه زنى بها مكرهة لم تكمل شهادتهم وهل يحد الجميع أو شاهدا المطاوعة؟ على وجهين وعند أبي الخطاب يحد الزاني المشهود عليه دون المرأة والشهود وإن شهد الأربعة فرجع أحدهم قبل الحد فلا شيء على الراجع ويحد الثلاثة.
__________
اختلفوا في البيتين فعلى هذا هل يحدون للقذف على وجهين.
"وإن شهدا أنه زنى بها مطاوعة وشهد آخران أنه زنى بها مكرهة لم تكمل شهادتهم" على الأشهر لأن فعل المطاوعة غير المكرهة فعلى هذا لا يحد الرجل اختاره أبو بكر والقاضي وأكثر الأصحاب ولا المرأة بغير خلاف نعلمه لأن الشهادة لم تكمل على فعل موجب للحد عليهما.
"وهل يحد الجميع" أي الأربعة لقذفهم الرجل ` أحدهما: يجب الحد على شاهدي المطاوعة اختاره أبو بكر لأنهما قذفا المرأة بالزنى ولم تكمل شهادتهم عليها ولا يجب على شاهدي الإكراه لأنهما لم يقذفا المرأة وقد كملت شهادتهم على الرجل وإنما انتفى الحد للشبهة.
والثاني: يحد الجميع لأنهم شهدوا بالزنى فلزمهم الحد كما لو لم يكمل عددهم "وعند أبي الخطاب يحد الزاني المشهود عليه" واختاره في التبصرة لأن الشهادة كملت على وجود الزنى منه واختلافها إنما هو في فعلها فلا يمنع كمال الشهادة عليها "دون المرأة" لأنه لم يشهد عليها أربعة بزنى يوجب الحد لأنه لا حد مع الإكراه "والشهود" لأن المقتضي له لم يوجد وفي الواضح لا حد على أحد منهم.
فرع: إذا شهد اثنان أنها بيضاء وآخران غيره لم تقبل لأن الشهادة لم تجتمع على عين واحدة وكما لو اختلفوا في تعدد المكان أو الزمان بخلاف السرقة وحدوا للقذف.
"وإن شهد أربعة فرجع أحدهم قبل الحد فلا شيء على الراجع ويحد الثلاثة" اختاره أبو بكر وابن حامد وجزم به في الوجيز لأن الراجع كالتائب قبل تنفيذ الحكم بقوله ولأن في درء الحد عنه تمكينا له من الرجوع الذي تحصل به

الصفحة 72