كتاب النجم الوهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 9)

سَوَاءٌ قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ عِنَادًا أَوِ اعْتِقَادًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (بنية ... إلخ) أشار به إلى أن القطع يكون بأحد هذه الأمور الثلاثة؛ لأن كلًا منها يؤثر، لكن يَرِد عليه أن الردة تحصل وإن لم يوجد قطع، كما إذا تردد في أنه يخرج من الإسلام أو يبقى فيه؛ فإنها ردة كما سيأتي، وكذلك من علق بين مرتدين .. فإنه مرتد على الأصح عند المصنف.
والقطع بالنية لم يذكره في (الروضة) ولا في (الشرحين)، وكأنه ذكره ليدخل في الضابط مسألة العزم على الكفر الآتية.
وقوله: (أو قول) المراد به: القول المقصود، فمن سبق لسانه إليه أو أكره عليه .. لا يكون مرتدًا، وكذلك تغتفر الكلمات الصادرة من الأولياء في حال غيبتهم.
ففي (أمالي ابن عبد السلام) أن الولي إذا قال: أنا الله .. عزر التعزير الشرعي، ولا ينافي ذلك الولاية؛ لأنهم غير معصومين.
وهذا ينافيه قول القشيري: من شرط الولي: أن يكون محفوظًا، كما أن من شرط النبي: أن يكون معصومًا؛ فكل من كان للشرع عليه اعتراض .. فهو مغرور مخادع، فالولي: الذي توالت أفعاله على الموافقة، وقد سئل ابن سريج عن الحسين الحلاج لما قال: أنا الحق؟ فتوقف فيه وقال: هذا رجل خفي علي حاله وما أقول فيه شيئًا.
وأفتى بكفره بذلك وبغيره القاضي أبو عمر وأبو القاسم الجنيد وفقهاء عصره، فأمر المقتدر بضربه ألف سوط، فإن مات، وإلا .. ضرب ألفًا أخرى، فإن لم يمت .. قطعت يداه ورجلاه ثم يضرب عنقه، ففعل به جميع ذلك لست بقين من القَعدة سنة تسع وثلاث مئة، والناس مع ذلك مختلفون في أمره، فمنهم من يبالغ في تعظيمه، ومنهم من يكفِّره؛ لأنه قتل بسيف الشرع.
قال: (سواء قاله استهزاء أو عنادًا أو اعتقادًا)؛ لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاَللَّهِ وَآيَاته وَرَسُوله كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}، {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
و (المعاند) الذي يرد الحق وهو يعرفه.

الصفحة 78