كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 9)

الدين المرغيناني رحمه الله، حكاها عن أستاذه، قال رضي الله عنه: وما ذكر العنب ولو كان ثمن المبيع، فبالانقطاع قبل التسليم ينتقض العقد، ولا ينبغي للبائع حق المطالبة بتسليم عين العنب، ليس بصحيح، فقد ذكر شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله في شرح كتاب الصرف في حجج مسألة. صورتها:
رجل اشترى من آخر مئة فلس بدرهم، ونقد الدرهم ولم يقبض شيئاً من الفلوس حتى كسدت الفلوس، فالقياس أن لا ينتقض العقد، ويتخير المشتري إن شاء قبضها كذلك، وإن شاء فسخ العقد وأخذ الدرهم، وفي الاستحسان: ينتقض العقد.

ومن اشترى من آخر شيئاً بقفيز رطب في الذمة ثم انقطع أوان الرطب إن العقد لا ينتقض. وذكر أيضاً أن من اشترى شيئاً بقفيز رطب والرطب منقطع عن أيدي الناس يجوز، وهذا بخلاف ما لو اشترى شيئاً بدراهم أو فلوس ثم انقطعت الدراهم أو الفلوس قبل القبض حيث ينتقض البيع عند أبي حنيفة، وهو قول محمد رحمهما الله على رواية كتاب الصرف، لأن في الرطب العود ثابت من غير صنع من العباد، ولا كذلك في الدراهم، وفي دعوى مال الإجارة المنسوخ بموت الآجر: إذا كانت الأجرة دراهم أو عدالي ينبغي أن يذكر كذا دراهم كذا عدالي رائجة من وقت العقد إلى وقت الفسخ؛ لأنها إذا أكسدت فيما بين ذلك تفسد الإجارة كبيع العين.
وإذا ادعى نوعين من العنب بأن ادعى ألف مَنّ من العنب العلاني والورخمني الحلو الوسط، لابد وأن يقول من العلاني كذا، ومن الورخمني كذا، لأن بدون ذلك القاضي لا يدري أنه بأي قدر يقضي من كل نوع.
(رجل) ادعى على آخر مقداراً من اللحم بأن ادعى مثلاً خمسة عشر منّاً، خمسة أمناء لحم اليد وخمسة أمناء لحم الرجل وخمسة أمناء لحم الجنب، فلابد وأن يبين السبب؛ لأنه يجوز أن يدعي ذلك بسبب السلم، وفي صحة السلم في اللحم خلاف معروف بين أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله، ويجوز أن يدعيه بسبب الاستهلاك، وفي استهلاك اللحم اختلاف بين المشايخ، قال بعضهم: يوجب القيمة، وإليه أشار محمد رحمه الله في بعض الكتب، وقال بعضهم: يوجب المثل، وإليه أشار في بعض الكتب، فلهذا احتيج إلى بيان السبب فيه، فإن بيّن الثمنية بأن قال: بعت منه عرضاً بكذا وكذا من اللحم، وبيّن أوصافه وموضعه صح دعواه بناءً على أن المكيل والموزون إذا قوبل بعرض واستعمل استعمال الثمن، فهو ثمن.
وإذا ادعى على آخر أنه غصب منه كذا قفيز حنطة، وبيّن الشرائط لابد وأن يذكر مكان الغصب وستأتي بتمامها في المحاضر.

(وإذا) ادعى على آخر أنه باع من فلان مئة منّ من الشحم الأبيض بكذا، وسلم الشحم إليه وقبض الثمن بتمامه، وإن الشحم المبيع كان مشتركاً بيني وبين البائع هذا، وإني قد أجزت البيع حين وصل إليّ خبر البيع فواجب عليه تسليم نصف الثمن إليّ، فهذه الدعوى لا تصح؛ لأنه لم يذكر في الدعوى أن الشحم كان قائماً في يد المشتري وقت

الصفحة 14