كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 9)

هذه الحالة، ولابد من ذكر قبض البائع الثمن، لتصح مطالبته إياه بأداء نصف الثمن، وإن قال: شركة عقد لا حاجة إلى ذكر قيام العبد وقت طلب العين؛ لأن العقد قد نفذ في النصيبين حال وجوده، ولكن يشترط ذكر قبض الثمن لتصح مطالبته بأداء نصف الثمن.
رجل ادعى على غيره أن وصيّي باع من أقمشتي منك كذا وكذا في حال صغري بكذا وكذا، وأنه قد مات قبل استيفاء شيء من الثمن، فادفع إليّ ثمن أقمشتي، فقد قيل: لا تصح هذه الدعوى؛ لأن بعد موت الوصي حق قبض ثمن ما باع الوصي يكون لوارثه أو لوصيّه فإن لم يكن له وصيّ أو وارث، فالقاضي ينصب له وصياً.
قال رضي الله عنه: وعلى قول من يقول من المشايخ في الوكيل بالبيع إذا مات قبل قبض الثمن، فحق القبض ينتقل إلى الموكل، ينبغي أن يقال ههنا حق القبض ينتقل إلى الصبي بعد بلوغ الصبي، وتصح الدعوى.
وفي «الأقضية» لأهل الكوفة: رجل ادعى على رجل أنه أمر فلاناً، فأخذ منه كذا وكذا من المال، فإن كان المدعى عليه الآخر سلطاناً، فالدعوى عليه مسموعة، وإن لم يكن سلطاناً فالدعوى عليه غير مسموعة.

ووجه ذلك إن أمر السلطان إكراه؛ لأن المأمور يعلم أنه لو لم يمثل أمره يعاقبه السلطان، هذا هو عادة السلاطين، والثابت من طريق العادة كالثابت نصاً، ولو هدده السلطان بالعقوبة على أن يأخذ مال الغير أو ينقله ففعل، كان الضمان على السلطان دون المأمور، كذا ههنا، وإذا كان الضمان في هذه الصورة على السلطان كانت الدعوى عليه صحيحاً، فأما أمر غير السلطان فليس بإكراه لأنه لا يعاقب المأمور لو لم يمثله وكان مجرد أمر، وإنه لم يصح، لأنه لم يملك أخذ مال الغير وإتلافه، والأمر بما لا يملكه، الأمر لغو فخرج الأمن من البين وبقي الفعل مقصوراً على المأمور، فكان الضمان عليه دون الأمر، فلا يصح دعوى الضمان على المأمور بأن ادعى على رجل أن فلاناً أمرك وأخذت من مالي كذا وكذا، فإن كان الآمر سلطاناً فدعوى الضمان على المأمور لا تصح، وإن لم يكن سلطاناً فدعوى الضمان عليه صحيحة، وهو بناء على ما قلنا.

رجل ادعى داراً في يد رجل من تركة والده أنه اشتراها من والده في مرضه، وأنكرنا في الورثة ذلك، فقد قيل: لا تصح هذا الدعوى؛ لأن المرض قد يكون مرض موت، وقد يكون غير مرض موت، وبيع المريض مرض الموت من وارثه وصية له بالعين عند أبي حنيفة رضي الله عنه حتى قال: بيعه من الوارث لا يجوز وإن كان بمثل القيمة، إلا بإجازة باقي الورثة، فكان هذا دعوى الوصية على أحد التقديرين، فلا تصح بالشك، وقيل: ينبغي أن تصح الدعوى؛ لأن تصرف المريض مع وارثه ينعقد بوصف الصحة، حتى لو أجاز بقية الورثة ذلك ينفذ وإن لم يجيزوا يبطل، فالبطلان يعارض عدم الإجازة بشرط أن يكون المرض مرض الموت، فإن لم يعلم أن هذا المرض مرض الموت كان للتصرف فيه حكم الصحة، فتكون الدعوى صحيحة.H

رجل باع عقاراً، وابنه أو امرأته، أو بعض أقاربه حاضر يعلم به، ووقع القبض

الصفحة 18