كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 9)

أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا

وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ، عَدَاوَةً، وَإِلَّا فَدِيَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَ (مَاتَ مَغْمُورًا) عَقْلُهُ لَا يَعِي شَيْئًا لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَمْ يُفِقْ مِنْ غَمْرَتِهِ حَتَّى مَاتَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ وَلَمْ يَغْمُرْ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ حَيَاةً تُعْرَفُ أَوْ غَمَرَ ثُمَّ أَفَاقَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ إلَّا بَعْدَ الْقَسَامَةِ.
" غ " قَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا كَذَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي نَفْيِ الْقَسَامَةِ، فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا إنْ شُقَّتْ حَشْوَتُهُ فَتَكَلَّمَ وَأَكَلَ وَعَاشَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ قَاتِلُهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ إذَا كَانَ قَدْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، وَقَالَ فِي الثَّانِي وَمَنْ ضَرَبَ فَمَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَقِيَ مَغْمُورًا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ، كَذَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْأُمَّهَاتِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِي الْمَغْمُورِ الْقَسَامَةَ اهـ.

وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ بِلَا قَسَامَةٍ فَقَالَ (كَطَرْحِ) شَخْصٍ (غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ) فِي نَحْوِ بَحْرٍ (عَدَاوَةً) فَمَاتَ فَعَلَى طَارِحِهِ الْقِصَاصُ بِلَا قَسَامَةٍ، فَفِيهَا وَإِنْ طَرَحَ رَجُلًا فِي نَهْرٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَمَاتَ فَإِنْ كَانَ فِي الْعَدَاوَةِ وَالْقِتَالِ قُتِلَ بِهِ. ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرْحُ لِغَيْرِ مُحْسِنِ الْعَوْمِ عَدَاوَةً بِأَنْ كَانَ لِمُحْسِنِهِ أَوْ لِغَيْرِ مُحْسِنِهِ لَعِبًا لَا عَدَاوَةَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ طَارِحِهِ، وَإِذَا لَمْ يَقْتُلْ (فَ) فِيهِ (دِيَةٌ) بِلَا قَسَامَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ لَا الْقَتْلِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ الْقَسَامَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَضِّحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ بِقَسَامَةٍ لَمْ أَرَهُ وَلَا وَجْهَ لِلْقَسَامَةِ هُنَا. تت أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ دِيَةٌ، إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ مُخَمَّسَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُغَلَّظَةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ خَرَجَ عَنْ الْمُعْتَادِ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ لَا.

الصفحة 20