كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 9)

وَالْمُتَمَالِئُونَ، وَإِنْ بِسَوْطِ سَوْطٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ قَصَدَ الضَّرْبَ عَدَاوَةً يُوجِبُ الْقِصَاصَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلِ الْوَاحِدِ لِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَحَمَلَ شَيْخُنَا مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الشَّارِحِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ قَصْدِ الْقَتْلِ هُنَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا. طفي فِي كَلَامِ عج نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَيْخُهُ، وَلَيْسَ فِي " ق " مَا يُفِيدُ مَا قَالَ عج، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَنَقَلَ قَوْلُهَا، وَإِذَا اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ عَمْدًا قُتِلُوا بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْجَوَاهِرِ لَوْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى رَجُلٍ يَضْرِبُونَهُ فَقَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ وَجَدَعَ آخَرُ أَنْفَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ، وَقَدْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ قُتِلُوا كُلُّهُمْ بِهِ، وَلَا قِصَاصَ لَهُ فِي الْجُرْحِ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْمُثْلَةَ، وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ اُقْتُصَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ جُرْحِهِ وَقُتِلَ قَاتِلُهُ، وَكَلَامُهُمَا فِي التَّمَالُؤِ، وَلِذَا اعْتَرَضَهُ شَيْخٌ عج، وَتَفْرِيقُ عج بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنْ اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى ضَرْبِ رَجُلٍ ثُمَّ انْكَشَفُوا وَقَدْ مَاتَ قُتِلُوا بِهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيٌّ إنْ ضَرَبَهُ هَذَا بِسِلَاحٍ وَهَذَا بِعَصًا وَتَمَادَيَا حَتَّى مَاتَ قُتِلَا بِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ ضَرْبَ أَحَدِهِمْ قَتَلَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قُصُورٌ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةُ الْأَسْوَاطِ جَارِيَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدُوا جَمِيعًا إلَى قَتْلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْأَوَّلُونَ إلَى إيخَافِهِ بِالضَّرْبِ فَلَيْسَ السَّوْطُ الْأَوَّلُ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْهُ مِمَّا يَكُونُ عَنْهُ الْقَتْلُ غَالِبًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِهِ الْآخَرُ وَمَنْ قَصَدَ قَتْلَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ اهـ. قَالَ شب بَحْثُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ضَعِيفٌ وَإِنْ ارْتَضَاهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ إنَّمَا تَمَّ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَيُقْتَلُ) الْجَمَاعَةُ (الْمُتَمَالِئُونَ) بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ الْمُتَوَافِقُونَ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ مَعْصُومٍ بِهِ إنْ تَمَالَئُوا بِضَرْبِهِ بِنَحْوِ سُيُوفٍ، بَلْ (وَإِنْ بِسَوْطٍ) مِنْ أَحَدِهِمْ وَ (سَوْطٍ) مِنْ آخَرَ، وَهَكَذَا حَتَّى مَاتَ فَيُقْتَلُونَ بِهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ عَلَى قَتْلِ صَبِيٍّ

الصفحة 26