كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 9)

لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ، وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهَا (لِكَخَوْفِ غَرَقٍ) أَوْ نَهْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ كَسْرٍ إنْ صَرَفُوهَا حَتَّى تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَضْمَنُونَ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى صَرْفِهَا، إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِإِهْلَاكِ غَيْرِهِمْ (أَوْ) اصْطَدَمَتَا بِسَبَبِ (ظُلْمَةٍ) فَلَمْ يَشْعُرُوا حَتَّى اصْطَدَمَتَا فَيَضْمَنُونَ كَمُصْطَدِمَيْنِ فِي الْبَرِّ لِظُلْمَةٍ لِأَنَّ اصْطِدَامَهُمَا بِفِعْلِهِمْ وَعَدَمَ شُعُورِهِمْ لِلظُّلْمَةِ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ الضَّمَانِ كَالْخَطَأِ.
ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي السَّفِينَتَيْنِ تَصْطَدِمَانِ فَتَغْرَقُ إحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ الرِّيحَ تَغْلِبُهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتِيَّةِ لَوْ أَرَادُوا صَرْفَهُمَا قَدَرُوا عَلَى حَبْسِهِمَا إلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ هَلَاكَهُمْ وَغَرَقَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَلْتَضْمَنْ عَوَاقِلُهُمْ دِيَاتِهِمْ، وَيَضْمَنُوا هُمْ الْأَمْوَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا نَجَاتَهُمْ بِغَرَقِ غَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرَوْهُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ لَقَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ لِمَا فِي السَّفِينَةِ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَلَكِنْ لَوْ غَلَبَتْهُمْ الرِّيحُ أَوْ غَفَلُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. اهـ. " ق " اهـ بُنَانِيٌّ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اصْطِدَامُ السَّفِينَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ تَجَاذُبُ الْمُتَجَاذِبَيْنِ قَصْدًا بِأَنْ كَانَ خَطَأً وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ (فَدِيَةُ كُلٍّ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِأَنَّهَا عَنْ جِنَايَةٍ خَطَأً (وَفَرَسُهُ) قِيمَتُهَا (فِي مَالِ الْآخَرِ) وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفَرَسِ، بَلْ كُلُّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ حُكْمُهُ كَالْفَرَسِ. وَشَبَّهَ فِي التَّعَلُّقِ بِمَالِ الْآخَرِ فَقَالَ (كَثَمَنِ) أَيْ قِيمَةِ (الْعَبْدِ) الْمُصَادِمِ لِحُرٍّ فَهِيَ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ فَضَلَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَتَكُونُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ فِيهِ. تت تَنْكِيتُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ هُوَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الرِّوَايَاتِ مَا يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي ذَلِكَ، وَسَاقَ كَلَامَ دِيَاتِهَا فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.

الصفحة 33