كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 9)

إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ: كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا؛
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ جُرْمِهَا مِنْ الرَّأْسِ. أَصْبَغُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ مَا زَعَمَ أَصْبَغُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَرَجَعَ إلَى الْقَوَدِ عَلَى قَدْرِ الْمُوضِحَةِ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ فِي طَبِيبٍ اسْتَقَادَ مِنْ أُصْبُعِ الْمَقْطُوعِ وَقَطَعَ مِنْ الْقَاطِعِ قَدْرَ ذَلِكَ الْقِيَاسِ، فَنَقَصَ مِنْ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ أَكْثَرُ مِمَّا قَطَعَ لِقِصَرِ أَصَابِعِ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ عَنْ أَصَابِعِ الْمُسْتَقَادِ لَهُ أَخْطَأَ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ، وَالصُّنْعُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقِيسَ إلَى الْمَقْطُوعِ بَعْضِهَا. فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا قَطَعَ مِنْ أُنْمُلَةِ الْقَاطِعِ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا. ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا كَمَا تُقْطَعُ الْأُنْمُلَةُ كَانَتْ أَطْوَلَ أَوْ أَقْصَرَ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجِرَاحِ فِي الرَّأْسِ أَوْ فِي عُضْوٍ كَالذِّرَاعِ أَوْ الْعَضُدِ وَنَحْوِهِ، فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَ أَشْهَبَ، قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَدِيمًا إنَّهُ يُقَادُ بِقَدْرِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ عُضْوَ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ يُرِيدُ وَلَوْ لَمْ يَفِ بِالْقِيَاسِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَا الْجَبْهَةُ وَالذِّرَاعُ يُرِيدُ مَا لَمْ يَضِقْ عَنْهُ الْعُضْوُ فَلَا يُزَادُ مِنْ غَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَدِيمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] لِأَنَّ الْأَلَمَ فِي الْجُرْحِ إنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ عَظْمِهِ وَقَوْلُهُ وَقِصَرِهِ لَا بِقَدْرِهِ مِنْ الرَّأْسِ.
وَكَوْنُ الْقِصَاصِ بِالْمِسَاحَةِ (إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) فَلَوْ زَادَتْ الْمِسَاحَةُ عَلَى عُضْوِ الْجَانِي لِقِصَرِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِعُضْوٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ عُضْوُ الْجَانِي أَكْبَرَ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمِسَاحَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ فَقَالَ (كَطَبِيبٍ زَادَ) فِي الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمِسَاحَةِ (عَمْدًا) فَيُقْتَصُّ بِقَدْرِ مِسَاحَةِ الزِّيَادَةِ الشَّارِحُ كَذَا قَالَهُ الشُّيُوخُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مُتَعَذِّرَةٌ هُنَا، لِأَنَّ زِيَادَةَ الطَّبِيبِ بَعْدَ قَطْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِذَا أُرِيدَ الْقِصَاصُ فَلَا يُتَوَصَّلُ لَهُ إلَّا بَعْدَ قَطْعٍ يَتَّصِلُ بِهِ الْبِسَاطِيُّ لَمْ يَظْهَرْ لِي صِحَّةُ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّهُ إذَا قَطَعَ الطَّبِيبُ دَائِرَةً مَثَلًا، وَالْمَوْضِعُ الْمَأْذُونُ فِيهِ دَائِرَةٌ فِي ضِمْنِ هَذِهِ الدَّائِرَةِ فَمَا بَيْنَ مُحِيطَيْ الدَّائِرَتَيْنِ قَدْرُ مِسَاحَةِ كَذَا فَيُكْسَرُ وَيُقْتَصُّ دَائِرَةٌ بِقَدْرِهِ مَثَلًا، فَإِنْ قُلْتَ الدَّائِرَةُ الَّتِي اُقْتُصَّتْ مِنْهُ لَيْسَتْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الدَّائِرَةِ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا.
قُلْتُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِصَاصِ قَدْرُ الْمِسَاحَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ

الصفحة 43