كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 9)

يَدُهُ بِضَرْبَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَتْ (يَدُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (بِ) سَبَبِ (ضَرْبَةٍ) لَا قِصَاصَ فِيهَا مِنْ الْجَانِي عَمْدًا عُدْوَانًا، فَإِنْ اُسْتُطِيعَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا يَشُلُّ يَدَهُ فَعَلَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ. طفي عج أَيْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ فَافْتَرَقَتْ هَذِهِ مِمَّا قَبْلَهَا. اهـ. وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِيهَا إذَا ذَهَبَ الْبَصَرُ بِضَرْبَةٍ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ الْقَوَدُ مِنْ الْبَيَاضِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ أُقِيدَ مَا نَصُّهُ أَتَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْسُوبَةً لِلْمُدَوَّنَةِ، لِأَنَّهَا تُوهِمُ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُوضِحَةِ الَّتِي أَذْهَبَتْ الْبَصَرَ وَالسَّمْعَ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ مُتَّفِقٌ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مُجَرَّدٌ، وَلَا مُنَاقَضَةَ عِنْدَ الشُّيُوخِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الضَّرْبَ هُنَاكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرْبُ هُنَا فِي الْعَيْنِ نَفْسِهَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ فَقْءِ عَيْنِ الْجَانِي لِأَنَّهُ أَزْيَدُ مِمَّا فَعَلَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا، وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي فَرْقِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّرْبَ مَهْمَا كَانَ فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ أَوْ رِجْلَهُ عَمْدًا فَشُلَّتْ، فَإِنَّ الضَّارِبَ يُضْرَبُ مِثْلَهَا قِصَاصًا، فَإِنْ شُلَّتْ يَدُهُ وَإِلَّا كَانَ الْعَقْلُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ. اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ الْقِصَاصَ مِنْ الشَّلَلِ إنْ أَمْكَنَ مَعَ أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ.
الصِّقِلِّيُّ عَنْ أَشْهَبَ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا أَوْ خِلَافًا نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا يَبْطُلُ فَرْقَ عج لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَهْمَا ذَهَبَتْ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَلِمْت خِلَافَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ خَاصٌّ بِالْبَصَرِ لِمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا يُسْتَطَاعُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَ لَقِيلَ فِيهِ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الضَّرْبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّلَلِ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ، وَإِذَا

الصفحة 52