كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 9)

وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مِرْفَقٍ، وَإِنْ رَضِيَا

وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَ) إنْ قَطَعَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ عَمْدًا عُدْوَانًا يَدَ مَعْصُومٍ مِنْ مِرْفَقِهَا فَ (لَا يَجُوزُ) الْقِصَاصُ مِنْ يَدِ الْجَانِي (بِكُوعٍ) أَيْ مِنْهُ (لِ) مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ قَطْعٍ مِنْ (مِرْفَقٍ) إنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ، بَلْ (وَإِنْ رَضِيَا) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْجَانِي بِالْقِصَاصِ مِنْ الْكُوعِ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهِ إنْ أَمْكَنَتْ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ الْكُوعِ وَلَوْ رَضِيَا. قُلْت هَذَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْوَاضِحَةِ مَعْزُوًّا لِلْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ، وَقَبْلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا الدَّلِيلُ الْعَامُ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ ضَرَرٍ يَدْفَعُ مَا هُوَ أَضَرَّ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ، وَضَرَرُ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ أَخَفُّ مِنْهُ مِنْ الْمِرْفَقِ ضَرُورَةً. ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَزِمَ أَحَدُ ضَرَرَيْنِ وَجَبَ ارْتِكَابُ أَخَفَّهُمَا.
وَالثَّانِي دَلِيلُ مَا فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَوْ أَشْهَبَ فِيمَنْ ذَهَبَ بَعْضُ كَفِّهِ بِرِيشَةٍ جَرَحَتْهُ وَخَافَ عَلَى مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْهَا فَقِيلَ لَهُ اقْطَعْ يَدَكَ مِنْ الْمَفْصِلِ، فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ قَطْعِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يُخَفْ إذَا لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ مِنْ مَفْصِلِهَا إلَّا عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ مَفْصِلِهَا إنْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْهُ، وَإِنْ خَشِيَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا مِنْ مَفْصِلِهَا أَنْ يَتَرَامَى أَمْرُ الرِّيشَةِ إلَى مَوْتِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ مَفْصِلِهَا، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا إنْ كَانَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ مِنْ الرِّيشَةِ أَكْثَرَ وَقَدْ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا لِمَنْ أَحْرَقَ الْعَدُوُّ سَفِينَتَهُ أَنْ يَطْرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ هَلَاكَهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ أَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ الْمَوْتَ إلَى أَمْرٍ يَرْجُو فِيهِ النَّجَاةَ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الْمَوْتَ مِنْهُ. ابْنُ غَازِيٍّ فِي هَذَا النَّظَرِ نَظَرٌ اهـ. قُلْت لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَحْدِيدَهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(وَ) إنْ جَنَى ذُو عَيْنٍ سَلِيمَةٍ عَلَى عَيْنٍ ضَعِيفَةٍ فَأَذْهَبَ إبْصَارَهَا فَ (تُؤْخَذُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ تُفْقَأُ (الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ) مِنْ الْجَانِي (بِ)

الصفحة 56