كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 9)

كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ ولْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)، (النور: 2). بل إن الإسلام ربط بين الزنا للمتزوج مع المشرك باللّه التارك لجماعة المسلمين أي المرتد، فقد أخرج الإمام مسلم في (القسامة والمحاربين والقصاص والديات 3175) عن مسروق عن عبد اللّه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّي رسول اللّه إلّا بإحدى ثلاث الثّيّب الزّاني والنّفس بالنّفس والتّارك لدينه المفارق للجماعة).
كل ذلك لأن الإسلام الحنيف جعل الزواج أقدس رابطة بين البشر، لأنها تعني بناء المجتمعات التي أراد اللّه تعالى منها أن يجعل البشر مستخلفين في الأرض ليعمروها بما أمر ربهم، فلا يجوز أن تنتهك بالزنا والخيانة والعلاقات المشبوهة فبذلك انتهاك لمكانة البشر أنفسهم الذين خلقوا في أحسن تقويم: وإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (30)، (البقرة: 30) .. أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (62)، (النمل: 62) .. آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) (الحديد: 7).
ولأن الزواج هو ما عبر عنه القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، وهو أقوى وأقدس رابطة، إذ لم يتكرر هذا اللفظ القرآني إلا ثلاث مرات:
1. في رابطة الزواج وكَيْفَ تَاخُذُونَهُ وقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21)، (النساء: 21) ..
2. رابطة أخرى هي ميثاق أخذه اللّه تعالى على أولي العزم من الرسل وهم الرسل الخمسة الأقرب إلى اللّه تعالى سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام جميعا فلم ينقضوا الميثاق بل أدوه خير أداء على أفضل ما تؤدى الأمانات صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين وإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ومِنْكَ ومِنْ نُوحٍ وإِبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (7)، (الأحزاب: 7).

الصفحة 21