كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 9)

والنطيحة (أي الحيوان الميت بالتناطح مع غيره أو مع صخرة مثلا)، وما أكل السبع (أي بقايا الجثة التي أكلت منها الحيوانات الضارية). إذ في هذه الأصناف يكون الحيوان المقتول مليء بالجراثيم التي نتجت عن تحلل وتعفن الجثة لذلك أصبحت سامة. وأما الدم فهو سائل تعفه النفس السليمة ولا تتقبله أو تستسيغه، فضلا عن طعمه اللاذع، وقبل كل ذلك فإنه قد يكون فاسدا جالبا للمرض. الدم سريع التلف يتلوث بسرعة بالجراثيم التي في الهواء، وكراته الحمراء تتحلل فورا بعد الموت وتتعفن، فبعد أن كانت معلقة في داخل الجسم في سائل يحمل عناصر التغذية، والدم عسر الهضم وقد يتخمر داخل الجهاز الهضمي ويصيب الجسم بالإضرار المحيقة بالصحة. ولذلك أيضا حرم الشرع الحنيف أكل الميتة من الحيوان البري لما لذلك من أضرار فادحة، فما يقال عن الدم يقال عن الميتة، فهي مضرة مهلكة سامة، وتبلغ شدة سميتها أنه لو حقن حصان وزنه 700 كيلوغرام بجزء من المليون من دم الميتة سببت له الحمى، ولهذا تشدد الإسلام في شروط الأضحية وأن تكون سليمة من الأمراض حتى لا تضر آكليها «1».
على أن النبي صلى اللّه عليه وسلم استثنى ميتتين ودمين كما جاء في الحديث الذي أخرجه أهل السنن كالإمام أحمد وابن ماجة، فقد أخرج ابن ماجة في سننه في كتاب (الأطعمة 3305) عن عبد اللّه بن عمر أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (أحلّت لكم ميتتان ودمان فأمّا الميتتان فالحوت والجراد وأمّا الدّمان فالكبد والطّحال). ويقصد بالحوت السمك لأن طعام البحر لا يتفسخ بعد موته ما دام في الماء، وأما الجراد فلا دم له فلا يتفسخ لذلك لا ضرر فيه.
وأما الدمان فالكبد والطحال فلأنهما عضوان في الجسم مكونان من دم جامد فهما دمان متجمدان ليسا سائلين فلا تجتمع فيهما الجراثيم إلا إذا تركا فترة زمنية دون اعتناء.
3 - السمك وأثره في الصحة
: يقول اللّه تعالى: وهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَاكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ ولِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)، (النحل: 14). فصّل الدكتور دلاور محمد صابر هذا الأمر ببحثه المستند على بحوث علماء كبار في العالم في موضوع أهمية
______________________________
(1) قرص موسوعة الطب النبوي، الإعجاز الطبي في الإسلام، الدم والميتة، بتصرف.

الصفحة 26