كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 9)
على ساعات النهار والليل، فإن الأمر بعدم إقامة الصلاة إلا والشخص في حالة صحو وإدراك يصرف المسلم عن تناول الخمر في معظم أوقات اليوم، وذلك بقول اللّه تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ولا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (43)، (سورة النساء: 43). وحاول البعض أن يتناول الخمر قبل الصلاة بوقت كاف، كالوقت الطويل بين العشاء والفجر مثلا، فكانت المرحلة الأخيرة في التحريم.
المرحلة الرابعة: التصريح بالتحريم القاطع، والمنع المطلق
: وكانت بقول اللّه تبارك وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ والْمَيْسِرُ والْأَنْصابُ والْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ والْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ والْمَيْسِرِ ويَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)، (سورة المائدة). وحين سمع الصحابة رضوان اللّه عليهم هاتين الآيتين، قالوا انتهينا ربنا ... انتهينا ربنا. وهكذا لم يأت تحريم الخمور ومنع تناولها أو تداولها فيما بين المسلمين إلا بعد أن ثبت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أركان العقيدة في نفوسهم، وخلع منهم تقاليد الجاهلية وأرسى دعائم المجتمع الإسلامي الذي يقوم على أساس التوحيد للّه بالعبودية والحاكمية والتشريع، فأول نص قرآني حول الخمر" مكي" وآخر نص قرآني حوله" مدني"، أي أن هذا التشريع اكتمل بعد توطيد أركان المجتمع الإسلامي. ولقد اشتمل هذا النص القرآني الأخير (المائدة: 90 - 91) على قرائن تفيد تحريم تناول الخمور، ومنها:
1 - ابتداء النص بخطاب اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، وفيه تنبيه إلى مجيء حكم شرعي وأمر خطير بعد هذا النداء، وهو حكم لأمر لا ينهض بتنفيذه إلا من وقر الإيمان في قلوبهم وثبتت عقيدتهم.
2 - ورود آثام أخرى في الأمر بالتحريم والْمَيْسِرُ والْأَنْصابُ والْأَزْلامُ ولكن الخمر قدمت عليهم لعظم خطرها وجرها لجميع الشرور.
3 - وصف الخمر بالرجس، وهو القذارة.