كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 9)

اخْتَارَهُ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، الثَّانِيَةُ: لَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا، فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحَكَمِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مَكَّةَ " وَلَمْ يَنْوِ بُلُوغَهَا: طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ عَلَى جِهَةٍ صَحِيحَةٍ، وَهُوَ إمَّا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ إذَا خَرَجْتِ إلَى مَكَّةَ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ: لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالدُّخُولِ إلَيْهَا، وَهَذَا أَوْلَى لِبَقَاءِ نَفْيِ النِّكَاحِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الثَّانِي: كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ مَا لَوْ قَالَ " إنْ خَرَجْتِ إلَى الْعُرْسِ أَوْ إلَى الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَخَرَجَتْ إلَى ذَلِكَ تَقْصِدُهُ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَكَّةَ " طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ ".

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَشَدُّ الطَّلَاقِ، طَلُقَتْ وَاحِدَةً) ، هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ فِي آخِرِ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ فِي " أَشَدِّ الطَّلَاقِ " كَ " أَقْبَحِ الطَّلَاقِ " يَقَعُ طَلْقَةً فِي الْحَيْضِ، أَوْ ثَلَاثًا عَلَى احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: كَيْفَ يُسَوَّى بَيْنَ أَشَدِّ الطَّلَاقِ وَأَهْوَنِ الطَّلَاقِ؟ . قَوْلُهُ (أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ، أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا: طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا) ،

الصفحة 11