كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 9)

إنْ قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ فِيهِ " وَكَذَا الْحَيَاةُ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَكَذَا الرُّوحُ " وَقِيلَ: إنَّهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ " وَكَذَا الرُّوحُ " فَيَكُونُ قَدْ حُكِيَ فِيهِ الْخِلَافُ فِيهَا، وَالرَّاجِحُ فِيهِ عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَهُ، كَمَا جَعَلَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَيْهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِيهَا، خِلَافًا لَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ الْجَزْمِ بِالْوُقُوعِ] .
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَوْ قَالَ " حَيَاتُك طَالِقٌ " طَلُقَتْ [كَبَقَائِك أَوْ نَفْسِك بِسُكُونِ الْفَاءِ لَا بِفَتْحِهَا فَإِنَّهُ كَرِيحِك وَهَوَائِك وَرَائِحَتِك، وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ: أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ، وَجَعَلَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِيهِ، وَكَمَسْأَلَةِ الرُّوحِ وَالدَّمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا كَالْوُقُوعِ كَمَا ذَكَرَ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِيهَا الْخِلَافَ كَالرُّوحِ وَالدَّمِ وَنَحْوِهِمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَذْهَبُ فِيهَا كُلِّهَا عَدَمَ الْوُقُوعِ كَإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَنَحْوِهِمَا كَالرَّائِحَةِ لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا وَالْحَيَاةُ عَرَضٌ بِاتِّفَاقِ الْمُتَكَلِّمِينَ، كَالْبَقَاءِ وَالرَّوْحِ وَالرُّوحِ وَالرَّائِحَةِ وَالرِّيحِ وَالْهَوَاءِ، بِخِلَافِ الرُّوحِ، وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ تَحْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ، وَكَمَا هُوَ فِي كُتُبِ غَيْرِنَا، كَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ الْحَيَاةُ عَرَضٌ كَالْهَوَاءِ لَا يَسْتَغْنِي الْحَيَوَانُ عَنْهَا كَالرُّوحِ وَالدَّمِ، وَالْبَقَاءِ وَالنَّفْسِ بِالسُّكُونِ لَا بِالْفَتْحِ بِخِلَافِ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَعِيشُ بِدُونِهَا لَا بِدُونِ جَمِيعِ الْأَعْرَاضِ كُلِّهَا، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا جَمِيعًا] . الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هُنَا لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا، أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ " صَحَّ وَيُكْمِلُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ. انْتَهَى. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَضَعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِكَوْنِهَا شَبِيهَةً بِتَطْلِيقِ عُضْوٍ مِنْهَا، فَكَمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ كُلُّهَا بِتَطْلِيقِ عُضْوٍ مِنْهَا [أَوْ بِبَعْضِهَا] فَكَذَلِكَ تَطْلُقُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

الصفحة 21