كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

إليه فرأيته أسرى الناس داراً وفرشاً وآلة وخدماً، فقال خالد: لقد ذممته، هذه حال من لم تدع فيه شهوته للمعروف فضلاً، ولا للكرم موضعاً.
قال أبو العيناء: قيل للحسن بن سهل: بالباب رجل راغب فقال: سلوه ما وسيلته؟ قال: وسيلتي أني أتيتك عام أول فبررتني، فقال: مرحباً بمن توسل إلينا بنا، ووصله.
صار عطاء بن أبي رباح إلى رجل من أشرف قريش فقال إني أتيتك بهدية فتفضل بقبولها، فقال: هاتها، قال: فلان كانت عليه نعمة فزالت فلو نظرت له، فقال: جزاك الله على هديتك خيراً، فما أحسبنا ننهض بمجازاتها، فقال عطاء: بل جزاك الله على قبولك إياها أفضل الجزاء.
وقل ما ترى في عصرنا من يقبل هدية مثل هذه، والله إني لأستحيي من رواية هذه المكارم في عصر يتباهى فيه باللؤم، ويتبجح بالسخف، ويحتج بالحزم في البخل، وقد تواصي الناس بكلام الكندي لعنة الله - حيث يوصي ابنه: يا بني، أما بعد فكن مع الناس كلاعب الشطرنج، تحفظ شاهك وتأخذ شاههم، فإن مالك إذا خرج عن يدك لم يعد

الصفحة 104