كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

ولا تخلج معروفك إلي خلاجاً، ولا تسمني أن التمس ما قبلك علاجاً.
قال بعض السلف: أربعة أشياء من الدناءة: إقبالك على السفلة من أجل غناه، وإعراضك عن الشريف من أجل فقره.
قال بعض العلماء: الدلالة على أن الله تعالى أمر إبراهيم بما لا يريده أنه فداه بذبح عظيم.
قال أبو زيد البلخي في كتاب السياسة: إن السياسة صناعة، ثم هي من أجل الصناعات قدراً وأعلاها خطراً، إذ كانت صناعة بها تتهيأ عمارة البلاد، وحماية من فيها من العباد، وكل صانع من الناس فليس يستغني في إظهار مصنوعه عن خمسة أشياء تكون عللا لها: أحدها مادة له آلة ومادة يعمل بها؛ والثاني صورة ينحو بفعله نحوها؛ والثالث حركة يستعين بها في توحيد تلك الصورة بالمادة؛ والرابع غرض ينصبه في وهمه من أجله يفعل ما يفعل؛ والخامس آلة يستعملها في تحريك المادة. ومثال ذلك من صناعة البناء أن المادة التي يعمل منها البناء هي التراب والطين والحجارة والخشب، والصورة التي ينحوها بوهمه صورة البيت، والفاعل هو البناء، والغرض الذي من أجله يفعل سكنى البيت وإحراز ما يحرز فيه، والآلة التي بها يعمل هي آلات البناء. ومثال ذلك من صناعة الطب أن المادة التي يفعل به الطبيب إنما هي أجساد الناس المحتملة الصحة والسقم، والصورة التي ينحوها الطبيب بوهمه إنما هي

الصفحة 146