كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

لاءمها، فإذا توالت المصادفة الألفة بينها وبين الأشياء، وأما ما ارتفع عن الحس فإنها منه في جانب بعيد، ومكان سحيق.
مر أنو شروان بشيخ يغرس شجرة جوز، فوقف عليه وقال: يا شيخ، أتطمع أن تأكل من هذه الشجرة التي قد توليت غرسها وسقيها وتعهدها؟ قال: لا أيها الملك، ولكن الدنيا دفعت إلينا عامرة فإني أحب أن أردها وهي عامرة، فأعجب المك بكلامه وقال: زه! وأعطاه أربعة آلاف درهم، فقال: أيها الملك، ما أسرع ما أثمرت هذه الشجرة، فقال كسرى: زه! وأعطاه أربعة آلاف درهم أخرى، فقال: أيها الملك، لكل شجرة في كل سنة حمل واحد وهذه حملت مرتين، فقال: زه! وأعطاه أربعة آلاف درهم، وسدوا فمه، وانصرف.
قيل لفتح الموصلي: ادع الله لنا، فقال: اللهم هنئنا عطاءك، ولا تكشف عنا غطاءك.
مدح بعض الشعراء الجنيد، وكان من كبار العمال، فأجازه، فقال الشاعر: ما أكرمك لولا ثلاث خصال، قال: ويلك وما هي؟ وهل بعد ثلاث من خير؟ قال: تأمر للرجل بالجائزة السنية ثم تشتمه فتكدر ذلك عليه، قال: ثم ماذا؟ قال: وتضع الطعام فيدخل الناس فلا تنزلهم منازلهم، ولو أنزلت كان أشرف لك، قال: ثم ماذا؟ قال: جواريك يخترقن الصفوف فلا تأخذك لذلك غيرة، قال: فبكم أمرنا لك؟ قال: بعشرة آلاف درهم، قال: يا

الصفحة 159