كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

غلام ادفع إلى هذا الماص بظر أمه عشرة آلاف أخرى، ثم أعادها حتى بلغت تسعين ألفا أخرى، فوضعت بين يديه؛ ثم أقبل عليه فقال: أما قولك إني أضع الطعام ولا أنزل الناس منازلهم فلقد فكرت فرأيت في الناس من له همة وفيهم غير ذلك، فوكلتهم إلى أنفسهم، لأن من انحط عن أعلى غاية كان النقص أولى به، فهم بأنفسهم أخبر مني بهم؛ وأما قولك إن جواري يخترقن الصفوف فلا تأخذني لذلك غيرة، فلو أن واحدة رأت في عينها من هو أحسن مني فاختارته وهبتها له؛ وأم العطية مع الشتم فكيف رأيتها؟ فأنشأ الشاعر يقول:
إن الجنيد الكريم أوله ... يزين منه قديمه كرمه
يعطي على شتمة وإن صغرت ... تسعين ألفا طوبى لمن شتمه
وحسن وجه الجنيد قد عرفوا ... يمنع من كل ريبة خدمه
وما يبالي إذا بلا هممه ... طباخه بالطعام من طعمه
كان سليمان بن عبد الملك إذا حضر طعامه فتحت الأبواب

الصفحة 160