كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

الذي ينفي الزائف ويقتني الجيد، فما انتكثت الدول وانتقضت الملل إلا بهذا التأويل الذي ينشئه هوى الملك في واحد بعد واحد، على أنا لا نجحد أن تكون النجابة في بعض الخاملين، والفسالة في بعض المشرفين، لأن الغرائز والنحائر مختلفات، وكل من شوطه على حد إن زاد مكرها في وقت نقص مختاراً في وقت، وأصل كل معروف نكرة، وآخر كل معروف نكرة، ولكن الأولى بالقياس على عادة الناس تقديم من له قديم، فليس طلاب الذهب من معدنه كطلب المعدن في الأرض، على أن هه القضية في زماننا مطوية، وهذا الشأن متروك.
رفع إلى كسرى أن النصارى الذين بحضرة باب الملك يقرفون بالتجسس، فوقع: من لم يظهر ذنبه لم تظهر من عقوبة له.
ورفع إليه أن بعض الناس ينكر إصغاء الملك إلى أصحاب الأخبار، فوقع: هؤلاء بمنزلة مداخل الضياء إلى البيت المظلم، وليس بقطع مواد النور مع الحاجة إليه وجه عند العقلاء.
قال بعض أصحابنا: أما الأصل في هذا التدبير فصحيح، لأن الملك محتاج إلى الأخبار، ولكن الأخبار تنقسم إلى ثلاثة أوجه: خبر يتصل بالدين، والواجب عليه أن يبالغ ويحتاط في حفظه وحراسته ونفي القذى عن طريقه

الصفحة 176