كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

الأبناء، فإذا دل الشرف على ناقص في نفسه كان الشرف سبباً لوقوف الناس على عيوبه.
وفي الباب الآخر أن الناس فيما أتى من غير معدنه في غير منبته أشد كلفاً، ومنه أشد تعجباً، إذ كانت الأسباب دونه منقطعة، وحباله من الفضل منفصمة، فليس يخلص ابن الناقص إلى الزيادة والتقديم بنفسه إلا بنفس قوية، وهمه بعيدة، وعناية شريفة، فلذلك شهد الناس بالتقديم لشريف لو كان أديباً، لأن الممكن أهون مطلباً من المتعذر، والسهل أسهل مراماً من الوعر، فتكلف الصعب صعب، وتكلف الصعب في طلب الجميل أفضل أمراً ممن أتاه الفضل عفواً، إلا السعيد الفاضل والمقدم الكامل الشريف الأديب.
للنظام:
لن يدرك المجد أقوام وإن كرموا ... حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان كاسفة ... لا ذل ضعف ولكن ذل أحلام
وإن دعا الجار لبوا عند دعوته ... في النائبات بإسراج وإلجام
مستلئمين لهم عند الوغى زجل ... كأن أسيافهم أغرين بالهام
قال أعرابي: لايزال الوجه كريماً ما بقي حياؤه، والغصن نضيراً ما بقي لحاؤه.

الصفحة 202