كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

الطبيعية مع الغذاء في العروق إلى جميع الأعضاء؛ والثانية: الروح النفسانية التي تكون في الدماغ؛ والثالثة من الأرواح وأهمها التي تنفذ الحس والحركة في العصب إلى جميع الأعضاء.
فهذه أقسام الجزء الأول من قسمي الطب وهو العلم، وسيأتي على أثره بعد قسم العمل كلام رائق، وحكمة معشوقة، ولفظ مطرب، وبلاغة شريفة. وقد يقول العائب: أطلت هذا الفصل في الطب حتى كأن الكتاب نصب لهذا الغرض، أو أريد به هذا الباب؛ واعلم أن الأمر ليس كذلك، ولكن عن هذا الفصل ودل على حسن ونفع، فوجب في الرأي أن يصحب جميع الغرر التي تقدمته ليكون الكتاب آخذاً من كل أدب بنصيب.
سمعت الأنصاري يقول: إن الله تعالى جعل على كل كلمة حكمة، وعلى كل قول دليلاً وحجة، ومع كل دعوى برهاناً وبينة، وعند كل شبهة وقفة ومهلة، وفي كل نازلة نصاً أو علة، ولم يسقط شيئاً عن مرتبة البيان، كما لم يرفع أحداً مرتبة التبيين، فمن أحب أن يظفر بالحق فليطمع نفسه فيه، مع التجرد في الطلب، والتحقق بالغرض، ومفارقة العادة وما عليه المنشأ، ولا يأنس بتقليد العالم حتى يتبين كما يتبين العالم، ولا يستوحش من وحدته إذا عرف المطلوب من نفسه بكمال عقله مع وضوح حجته.
ويقال: ما الأسودان، والأبيضان، والأسوءان،

الصفحة 210