كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

وفاجأتني والطرف نحوك شاخص ... وذكرك ما بين اللسان إلى القلب
فيا فرحة جاءت على إثر ترحة ... ويا غفلتي عنها وقد نزلت قربي
هذه رسالة أفادنيها أبو سليمان وزعم أنها لأرسطاطاليسن وقرأها بعض مشايخ الفلسفة فقال: هي من كلام بعض الملوك، ولا أقف منها على أكثر مما حكيت، ولولا جلالتها في نفسها ما سقتها ها هنا، قال:
أما بعد، فإن حقاً على المرء أن ينظر إلى محاسن الناس ومساوئهم، وموقعها منهم في منافعها ومضارها، فيلتمس المنافع لنفسه من مثل ما نفعهم، وينفي المضار عنها من مثل ما ضرهم، فيوظف للأمور وظائفها ويجعل بين طبقاتها حدوداً يزايل بينها، ثم يأخذ نفسه بتأديبها في إحياء علم ما يعلم من الأمور بالعمل، واستجلاب علم ما جهل منها بالتعليم، ثم لا يكون تأديبه لنفسه في غير وقت واحد ولا معلوم، فإنه واجد في كل حين من أحايين الدهر، وطبقة من طبقاته التي هو راكبها في كل حال من حالات نفسه التي تتحرك من ضروب النصب واللهو موضع تأديب وتقويم لها حتى لا يكون لأهل طبقة من الطبقات، رفيعة كانت أو وضيعة، عليه في طبقته التي يشاركهن فيها فضل، فإن امرءاً لا يلتمس أن يكون له فضل على طبقة من الطبقات إلا دعاه فضله

الصفحة 215