كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 9)

وأما الخرب فمن قولك: حرب فلان ماله فهو حريب ومحروب، والفاعل حارب، وقال بعض النساك: سمي المحراب محراباً لان الشيطان يحارب فيه بالطاعة لله تعالى، ويقال أن هذا التأويل مهزول، وإنما المحراب أشرف مكان في البيت، ومحاريب اليمن هي أمكنة شريفة في القصور، وكأن المحراب في المسجد من ذلك لموقف الإمام. وقال أبو حامد: المحراب عند بعض الفقهاء ليس من المسجد، ولهذا قيل: من بات في المسجد وحفزته بطنه ولم يمكنه الخروج فأولى به أن تقع ذات بطنه في المحراب. قال أبو حامد: ولم يقل ذلك لهذه العلة، إنما قيل ذلك لأنه مكان الإمام وحده، فإذا أصابه ذلك أصاب واحداً وهو ينتبه عليه، ويستدرك الحال هكذا، ولو وضع في ناحية أخرى فإنه يصير سبيلاً إلى نجاسة أكثر من واحد من حاضري الصلاة.
وأما الحرب فذكر الحبارى، وقد سمعت جمعه على خربان، والخراب ضد العامر، والخرابات كلام مهزول، كذا قال الثقة. وقال بعض الجوالين: الخرابات ببخارى كالمواخير بالعراق. والخارب: اللص وجمعه خراب، وكأنه استحق ذلك الفساد حاله. يقال: فلان ما عرفت له خربة - بالباء -، وخرمة منكر، هكذا قيل في هذا المعنى، وإنما الخرمة من خرم إذا ثقب، والمخارم في الطرق، وهي المهاوي والمقاطع، والأخرم: الذي إن خرم أنفه، والمسور بن مخرمة، وكأن هذين الاسمين أخذا من سار يسور إذا علا، ومن خرم إذا أثر، والكتاب يقولون: فلان من خراب البلاد، وشذاذ المدن، وأخابث الناس.

الصفحة 61