كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
وقيل: المراد أمته.
وقيل: المراد بالذنب ترك الأولى، كما قيل: حسنات الأبرار سيآت المقربين، وترك الأولى ليس بذنب، لأن الأولى وما يقابله مشتركان في إباحة الفعل.
وقال السبكي: قد تأملتها -يعني الآية- مع ما قبلها وما بعدها فوجدتها لا تحتمل إلا وجهًا واحدًا، وهو تشريف النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يكون هناك ذنب،
__________
والجواب عن الثاني: أن اللام في الآية للتعليل، كما قلنا لا للتعدية، وعن الثالث: بأن من لا يغفر له يخفف عنه بالنسبة لما يؤاخذ به غيره على ذلك الذنب من بقية الأمم، فكأنه غفر له، "وقيل المارد أمته" أي: يغفر الله لأمتك ما صدر ويصدر، فالمراد بخطابه خطاب أمته وغضافة الذنب له لأدنى ملابسة؛ لأنه يسوءه ما يسوءهم وهو الشفيع لهم، قال شيخنا: والمراد بالمغفرة على هذا ما رفع العذاب عنهم مطلقًا بالعفو، فلا يعاقبهم على شيء، أو بتخفيفه عنهم، وذلك في حق من عذب للتطهير مما اقترفه، وقال غيره: المراد أن رحمة الله لهذه الامة أكثر من غيرها.
"وقيل: المراد بالذنب ترك الأولى" وعد ذنبًا لرفعة مقامه ونزاهته، فلا يفعله كما لا يفعل الذنب الحقيقي، نعم إن كان القصد من فعل خلاف الأولى، أو المكروه بيان أنه جائز لا إثم فيه، فعله وجوبًا إن تعين طريقًا للتعليم، فيثاب عليه ثواب الواجب، "كما قيل" قائله سعيد الخراز.
رواه عن ابن عساكر في ترجمته "حسنات الأبرار سيآت المقربين" لأنه كلما ارتقى درجة عدمًا قبلها سيئة، "وترك الأولى ليس بذنب، لأن الأولى وما يقابله مشتركان في إباحة الفعل" وما أبيح ليس بذنب، فأطلق عليه اسمه مجازًا.
وفي التحفة: استغفرك، أطلب منك المغفرة" أي: ستر ما صدر مني من نقص ذنبًا كان أو غير ذنب، فهي لا تستدعي سبق ذنب لافًا لمن زعمه.
قال شيخنا: فلا حاجة إلى الاعتذار عن تسمية خلاف الأولى ذنبًا تعلقت به المغفرة، وفيه نظر لتصريح الآية بلفظ ذنب، فحمله على خلاف الأولى يحتاج للاعتذار، ولفظ استغفرك ليس فيه من ذنبي، فإنما يتأتى ما قال: لو قيل ليغفر لك فقط.
"وقال السبكي" في تفسيره: "قد تأملتها يعني الآية" بذهني "مع ما قبلها" وهو: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، "وما بعدها" وهو: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} ، إلى قوله: {نَصْرًا عَزِيزًا} "فوجدتها لا تحتمل إلا وجهًا واحدًا، وهو تشريف النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يكون هناك ذنب"، حاشى لله، "ولكنه أريد أن يستوعب في الآية جميع أنواع النعم من الله على عباده