كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
بإسناد إليه تعالى بنون العظمة، وجعله خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لك.
وقد سبق إلى نحو هذا ابن عطية: وإنما المعنى التشريف بهذا الحكم، ولم يكن ذنوب ألبتة.
ثم قال: وعلى تقدير الجواز لا شك ولا ارتاب أنه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم،
__________
{فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} "ولهذا جعل ذلك أية للفتح المبين" وهو صلح الحديبية، أو مكة، نزلت مرجعة من الحديبية عدة له بفتحها، وعبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه، أو فتح خيبر، أو غير ذلك أقوال: أرجحها عند قوم الأول، وتقدم بسطه في غزوة الحديبية "الذي عظمه وفخمه بإسناده إليه تعالى بنون العظمة" بقوله: {إِنَّا فَتَحْنَا} [الفتح: 1] ، "وجعله خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لك" كأنه قيل لا لغيرك، واشار بهذا إلى جواب؛ أن المغفرة ليست سببًا، للفتح إذ السبب ما يلزم من وجوده وجود غيره، والمغفرة التي هي عدم المؤاخذة بالذنب لا تستدعي الفتح، وحاصل الجواب إن اللام علة غائية، أي: أن الفتح لما فيه من مقاساة الأهوال مع الكفار جعل سببًا للمغفرة وإتمامًا للنعمة والنصر العزيز.
وفي البيضاوي: علة للفتح من حيث أنه تسبب عن الجهاد والسعي في إعلاء الدين وإزاحة الشرك وتكميل النفوس الناقصة قهرًا ليصير ذلك بالتدريج اختيارًا، وتخليص الضعفة من أيدي الظلمة.
"وقد سبق إلى نحو هذا ابن عطية" لفظ السبكي: وبعد أن وقعت على هذا المعنى، وجدت ابن عطية قد وقع عليه، فقال بعد أن حكي قول سفين الثوري: ما تقدم قبل النبوة وما تأخر، يريد كل شيء لم يعمله، وهذا ضعيف، "وإنما المعنى التشريف بهذا الحكم"، وهو استيعاب جميع أنواع النغم، "ولم يكن" له "ذنوب البتة" وأجمع العلماء على عصمة الانبياء من الكبائر والصغائر التي هي رذائل، وجوز بعضهم الصغائر التي ليست برذائل، واختلفوا: هل وقعت من محمد صلى الله عليه وسلم أو لم تقع؟
وحكى الثعلبي عن عطاء الخراساني: ما تقدم من ذنب آدم وحواء، أي: ببركتك، وما تأخر من ذنوب أمتك بدعائك.
وقال بعضهم: ما تقدم قوله يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد"، وما تأخر قوله يوم حنين: "لن نغلب اليوم من قلة"، وهذا كله معترض، هذا كلام ابن عطية برمته.
قال السبكي: وقد وفق فيما قال: فقول المتن، "ثم قال" أي: السبكي لا ابن عطية، كما توهم، فإنه خلاف الواقع إذ ابن عطية ليس فيه كما رأيت قوله: "وعلى تقدير الجواز لا أشك ولا أرتاب أنه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم" والذي أوقعه في هذا الوهم، أن السبكي لما نقل قول ابن