كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

وكيف يتخيل خلاف ذلك {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] .
وأما الفعل: فاجماع الصحابة على اتباعه والتأسي به في كل ما يفعله من قليل أو كثير، أو صغير أو كبير لم يكن عندهم في ذلك توقف ولا بحث، حتى أعماله في السر والخلوة يحرصون على العلم بها وعلى اتباعها، علم بهم أو لم يعلم، ومن تأمل أحوال الصحابة معه صلى الله عليه وسلم استحيي من الله أن يخطر بباله خلاف ذلك، انتهى.
وأما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ}
__________
عطية، اختلفوا هل وقع من محمد ... إلخ. عقبه بقوله: قلت لا أشك، فظن أن قلت من جملة نقله، وليس كذلك، بل زيادة فصلها بلفظ قلت: "وكيف يتخيل خلاف ذلك" أسقط من قول السبكي وأحواله عليه السلام منقسمة إلى قول وفعل، أما القول، فقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] أي: هو نفسه {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] .
"وأما الفعل" قسيم قول السبكي: أما القول، وكأنه أسقط من المصنف سهوًا أو من نساخه، "فإجماع الصحابة على اتباعه والتأسي": الاقتداء "به في كل ما" أي: شيء "يفعله أعماله" مجرور بحتى "في السر والخلوة، يحصرون على العلم بها وعلى اتباعها، علم بهم أو لم يعلم" كابن عمر لما سأل بلالا: هل صلى المصطفى لما دخل الكعبة؟ ولما رآه يقضي الحاجة مستقبلًا، فأفتى بذلك وغير ذلك مما وقع له ولغيره، "ومن تأمل أحوال الصحابة معه صلى الله عليه وسلم" وما عرفوه وشاهدوه منه في جميع أحواله من أوله إلى آخره، "استحى من الله أن يخطر" "بضم التحتية" من أخطر ليكون من فعله "بباله خلاف ذلك" لا بفتحها من خطر لصدقه بخطوره دون فعله، ومثله لا يؤاخذ به "انتهى" كلام السبكي رادًا به قول الزمخشري: معنى الآية جميع ما فرط منك.
وقال مقاتل: ما كان في الجاهلية، وقال سفيان الثوري: ما عملت في الجاهلية وما لم تعمل، وردهما السبكي بأنه صلى الله عليه وسلم ليست له جاهلية.
وقيل: ما كان قبل النبوة، ورده بأنه معصوم قبلها وبعدها، وقيل: ما تقدم حديث مارية وما تأخر امرأة زيد، قال: وهذا باطل، فمنم اعتقد أن في قصتهما ذنبًا فقد أخطأ، وقيل: غير ذلك مما زيف كله، وللسيوطي في ذلك وريقات، سماها القول المحرر، وأما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: 1] .

الصفحة 22