كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

ووقع الشك له، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية: "والله لا أشك ولا أسال".
وأما الوجه الثاني - وهو أن المخاطب غيره صلى الله عليه وسلم فتقريره: أن الناس كانوا في زمانه فرقًا ثلاثة: المصدقون به، والمكذبون له، والمتوقفون في أمره الشاكون فيه فخاطبهم الله تعالى بهذا الخطاب فقال: فإن كنت في شك أيها الإنسان مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فاسأل الله أهل الكتاب ليدلوك على صحة نبوته، وهذا مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] ، و {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ} [الانشقاق: 6] ، و {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ} [الزمر: 8] فإن المراد "بالإنسان" هنا الجنس، لا إنسان
__________
قال البيضاوي: وفيه تنبيه على أن من خالطته شبهة في الدين، ينبغي أن يسارع إلى حلها بالرجوع إلى أهل العلم، "أو يكون على سبيل الفرض والتقدير" أي: إن فرض وقدر وقوع ذلك منك "لا إمكن وقوع الشك له" لأن هذه الشرطية غير ممكنة، "ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية: "والله لا أشك ولا أسأل" رواه ابن جرير عن قتادة مرسلًا، لكن بدون قسم.
وقيل: المراد قل للشاك إن كنت في شك من ديني، وفي السورة نفسها ما يدل على هذا التأويل قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} [يونس: 104] .
وقيل: هو تقرير، كقوله: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116] ، وقد علم سبحانه أنه لم يقل ذلك.
وقيل: معناه ما كنت في شك فاسأل تزدد طمأنينه وعلمًا إلى علمك، ويقينًا إلى يقينك.
وقيل: معناه إن كنت تشك فيما شرفناك وأعطيناك وفصلناك به فسلهم عن صفتك في الكتب، ونشر فضائلك، وقيل: المراد إن كنت في شك من اعتقاد غيرك فيما أنزلناه، حكاه في الشفاء.
"وأما الوجه الثاني: وهو أن المخاطب غيره صلى الله عليه وسلم فتقريره أن الناس كانوا في زمانه فرقًا ثلاثة" فريق منهم "المصدقون به" وفريق منهم "المكذبون له" وفريق منهم "المتوقفون في أمره، الشاكون فيه" صفة كاشفة لمعنى المتوقفون، "فخاطبهم الله تعالى بهذا الخطاب، فقال: فإن كنت في شك أيها الإنسان مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأسال أهل الكتاب ليدلوك على صحه نبوته، فليس هو مخاطبًا أصلًا، "وهذا مثل قوله: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] ، حتى عصيته {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ} [الانشقاق: 6] جاهد في عملك إلى لقاء ربك، وهو الموت، ومثل قوله: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ} [الزمر: 8] الآية، دعانا، وفي نسخة: وإذا مس الإنسان ضر، بالواو،

الصفحة 28