كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

قال المازري: وهذا كله مردود؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله عز وجل، وعلى عصمته في التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل. وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة لما يعرض للبشر كالأمراض، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له، مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين، انتهى.
وقال غيره: لا يلزم من أنه يظن أنه يفعل الشيء ولم يكن فعله أن يجزم بفعله ذلك، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت ليقظة قلبه وسلامة ذهنه، فلا يبقى على هذا للملحد حجة.
وقال القاضي عياض: يحتمل أن يكون المراد بالتخييل المذكور، أنه يظهر
__________
بشيء".
"قال المازري: وهذا كله مردود" وباطل، "لأن الدليل" وهو المعجزات، كما في كلام المازري "قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله عز وجل، وعلى عصمته في التبليغ والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل" لا يلتفت إليه؛ "وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة" بضم فسكون، أي معرض "لما يعرض للبشر، كالأمراض".
وقد صح أنه كان يوعك كما يوعك رجلان زيادة في أجره، "فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له" وعليه يحمل الحديث، فلا طعن فيه مع صحته باتفاق "مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين. انتهى" ما نقله من المازري. وبقيته: وقد قال بعض الناس معنى الحديث أنه يخيل إليه أنه وطئ إحدى زوجاته ولم يطأ، وقد يخيل للإنسان في المنام مثل هذا، فلا يبعد أن يتخيله صلى الله عليه وسلم في اليقظة.
وقال بعض أصحابنا: يمكن أن يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، ولكن لا يعتقد صحة خياله، فتكون اعتقاداته كلها على السداد، فلا يبقى لاعتقاد الملحد طريق، وهذا هو معنى قوله: "وقال غيره لا يلزم من أنه يظن أنه يفعل الشيء ولم يكن فعله؛ أن يجزم بفعله ذلك، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر، يخطر ولا يثبت ليقظة قلبه وسلامة ذهنه، فلا يبقى على هذا للملحد حجة" فكان اللائق أن المصنف يقول: ونقل عن بعض أصحابه لإبهامه أن المازري لم يذكره، لا سيما مع فصله بلفظ. انتهى.
"وقال القاضي عياض" في الشفاء وفي شرح مسلم: ظهر لي ما هو أجلى وأبعد عن

الصفحة 448