كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

ذلك بأن الذي ذكره محمول على الغالب، وإن ما وقع به عليه الصلاة والسلام لبيان تجويز ذلك عليه.
وأما ما يعالج به من النشرة المقاومة للسحر، فذكر ابن بطال: أن في كتب وهب بن منبه: أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر، فتدق بين حجرتين ثم يضرب ذلك بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسي والقلاقل، ثم يحسو منه ثلاث حسيات ثم يغتسل به، فإنه يذهب عنه ما كان به، وهو جيد للرجل إذا احتبس عن أهله.
وممن صرح بجواز النشرة، المزني عن الشافعي، وأبو جعفر الطبري وغيرهما.
__________
الانفصال" أي التخلص والتباعد "عن ذلك بأن الذي ذكره محمول على الغالب" كما يؤخذ من قوله غالب ما يؤثر؛ "إن ما وقع به صلى الله عليه وسلم لبيان تجويز ذلك عليه" ويمكن الانفصال أيضًا؛ بأنه إنما قال سلطان، أي قوة وشدة، والذي وقع له صلى الله عليه وسلم ليس بسلطانه؛ إذ لم يغير شيئًا من عقله، ولا نقص شيء من عبادته، مع أن الذي سحر به كان بالغًا في القوة، بحيث لو فعل مثله بغيره من ضعفاء القلوب، لاشتد مرضه وأقعد واختل عقله وترك العبادة؛ وكذا قول الرازي: لا يظهر تأثيره إلا على فاسق، أي كل الظهور المخل بالعقل.
"وأما ما يعالج به من النشرة المقاومة للسحر، فذكر ابن بطال أن في كتب وهب بن منبه" بن كامل اليماني، التابعي المشهور؛ "أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر، فتدق بين حجرتين، ثم يضرب ذلك بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسي والقلاقل" أي قل هو الله أحد والمعوذتان، "ثم يحسو" يملأ فمه "منه ثلاث حسيات"، يبتلعها، "ثم يغتسل به" أي بالباقي بعد الحسو، "فإنه يذهب عنه ما كان به" من السحر، "وهو جيد للرجل إذا احتبس" أي منع "عن" جماع "أهله، وممن صرح بجواز النشرة المزني" إسماعيل، "عن الشافعي" الإمام، "وأبو جعفر" محمد بن جرير "الطبري وغيرهما" كالشعبي ويحيى بن سعيد، وجاءت بها آثار، واستدل لجوازها يقول عائشة: أفلا تنشرت، فلم ينكر عيها، وإنما قال: "أما الله فقد شفاني".
وقال الحسن البصري: هي من السحر، وفي أبي داود عن جابر: النشرة من عمل الشيطان، وأجيب؛ بأن المراد بها التي كانت الجاهلية تعالج بها وتعتقد تأثيرها.
وقد نقل الطيبي عن بعضهم: أن النشرة نوع من الرقي والعلاج، يعالج بها من يظن أنه مس من الجن، وفي الحديث: لعل طبًا، أي سحرًا أصابه فنشره، أي رقاه بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق} [الفلق: 1] ، ويقال أيضًا: نشره إذا كتب له نشرة، قاله أبو عبد الله الأبي.

الصفحة 451