كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
[ذكر رقية تنفع لكل شكوى} :
عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اشتكى منكم شيئًا فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض واغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطبيين أنزل رحمة من عندك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ بإذن الله". رواه أبو داود في سننه.
__________
ذكر رقية تنفع لكل شكوى:
أي مرض، "عن أبي الدرداء" عويمر الأنصاري، الصحابي الجليل، أول مشاهده أحد، مات في خلافه عثمان، وقيل: عاش بعد ذلك، "قال: سمعت رسول الله صلى الله علي وسلم يقول: "من اشتكى منكم شيئًا" أو اشتكاه أخ له، هكذا لفظ الحديث عند أبي داود، فسقط من المصنف أو نساخه واو للتنويع، "فليقل" بعد وضع يده على الوجع قياسًا على ما سبق: "ربنا" جوز شيخنا رفعه خبر مبتدأ، أي أنت ربنا، ونصبه منادى، أي: يا ربنا، والمتبادر على رفعه أنه مبتدأ خبره "الله" وصفته "الذي في السماء تقدس اسمك" أي تنزه، ويؤيد النصب كاف الخطاب في اسمك؛ إذ الأصل عدم الالتفات، وخص التنزيه بالسماء، لكون تمامه إنما هو فيها، وإن وجد منه في الأرض فليس كالسماوات، فإن سكانها ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وأما الأرض فأكثرها كفار وعبدة أوثان، لا يقدسون اسمه حق تقديسه، "أمرك في السماء والأرض" نافذ، "كما رحمتك في السماء" عامة في أهلها من الملائكة وغيرهم، "فاجعل رحمتك في الأرض" عامة، كالسماء.
وحكمة ذلك أن ظهور الرحمة في السماء، كالمحقق الظاهر لكل أحد، لسلامة أهلها من الذنوب والبلايا، فسأل أن يجعلها في الأرض بحفظ أهلها من الذنوب، وبمغفرة ما اقترفوه منها، "واغفر لنا حوبنا" بالضم، أي ذنبنا العظيم، وقرئ شاذًّا "بالفتح" مصدر حاب حوبًا، وقيل: الضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغة تميم، "وخطايانا أنت رب الطبيين" جمع طبيب، أي المداوين، وفي بعض النسخ: المطببين، أي الطالبين للطب، أي الدواء، لكن الذي رأيته في النسخ الصححية من غير المصنف هو الأول، "أنزل رحمة من عندك وشفاء من شفائك على هذا الوجع، فيبرأ بإذن الله"، رواه أبو داود في سننه" والنسائي. كما يأتي قريبًا.