كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

من شدة الحريق، يا أم ملدم، إن كانت آمنت بالله العظيم فلا تصدعي الرأس، ولا تنتني الفم، ولا تأكلي اللحم، ولا تشربي الدم، وتحولي عني إلى من اتخذ مع الله إلهًا آخر" قال فقالتها فذهبت عنها، رواه البيهقي.
وقد جرب ذلك -كما رأيته بخط شيخنا- ولفظه: اللهم ارحم عظمي الدقيق وجلدي الرقيق، وأعوذ بك من فورة الحريق، يا أم ملدم، إن كنت آمنت بالله واليوم الآخر، فلا تأكلي اللحم، ولا تشربي الدم ولا تفوري على الفم، وانتقلي إلى من يزعم أن مع الله إلهًا آخر، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.
ويكتب للحمى المثلثة -مما ذكره صاحب الهدي- على ثلاث ورقات لطاف: بسم الله فرت، بسم الله مرت. بسم الله قلت، ويأخذ كل يوم ورقة
__________
جلدي الرقيق" أي ارحمه، "وعظمي الدقيق" "بالدال"، أي ليس بغليظ "من شدة الحريق"، أي لهب الحمى، "يا أم ملدم" "بكسر الميم وإسكان اللام، فدال مهملة مفتوحة فميم".
قال في النهاية: كنية الحمى، والميم الأولى زائدة، وألدمت عليه الحمى أي دامت، وبعضهم يقولها بالذال بالمعجمة: "إن كنت آمنت بالله العظيم، فلا تصدعي الرأس، ولا تنتني الفم، ولا تأكلي اللحم، ولا تشربي الدم، وتحولي عني إلى من اتخذ مع الله إلهًا آخر" فيه جواز الدعاء على المشركين بالأمراض.
"قال" أنس: "فقالتها" أي هذه الكلمات، "فذهبت عنها، رواه البيهقي، وقد جرب ذلك" فليس تأثير هذا الدعاء خاصًّا بعائشة، "كما رأيته بخط شيخنا" بمخالفة قليلة في اللفظ، "ولفظه: اللهم ارحم عظمي الدقيق" "بالدال" "وجلدي الرقيق" "بالراء، وكل منهما معناه خلاف الغليظ" "وأعوذ بك من فورة الحريق، يا أم ملدم إن كنت آمنت بالله واليوم الآخر" "يوم القيامة" "فلا تأكلي اللحم، ولا تشربي الدم، ولا تغوري على الفم، وانتقلي إلى من يزعم أن مع الله إلهًا آخر" لعله يرتدع فيوحد الله، "فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله".
"ويكتب للحمى المثلثة" التي تلازم ثلاثة أيام، ثم تقلع، ثم تأتي كذلك ثلاثًا "مما ذكره صاحب الهدي" ابن القيم فيه "على ثلاث ورقات لطاف" أي صغار: "بسم الله فرت" "بالفاء" أي ذهبت بسرعة، "بسم الله مرت" أي جازت، بمعنى أنها لا تستقر. "بسم الله قلت" "بالقاف" أي عدمت؛ لأن القلة قد تنتهي إلى العدم، "ويأخذ كل يوم ورقة، ويجعلها في فمه،

الصفحة 458