كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

تسلطه علي بأذى، ولا تسلطني عليه بقطع، واشفني شفاء لا يغادر سقمًا، لا شافي إلا أنت.
وأما حفيظة رمضان لا آلاء إلا آلاؤك يا الله، أنت سميع عليم محيط به علمك كعسلهون، {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105] إلى آخرها.
قال شيخنا: اشتهرت ببلاد اليمن ومكة ومصر والمغرب وجملة بلدان أنها حفيظة رمضان، تحفظ من الغرق والسرق والحرق وسائر الآفات، وتكتب آخر جمعة منه، وجمهورهم يكتبها والخطيب يخطب على المنبر، وبعضهم بعد صلاة العصر.
وهذه بدعة لا أصل لها، وإن وقعت في كلام غير واحد من الأكابر، بل أشعر كلام بعضهم بورودها في حديث ضعيف، وكان الحافظ ابن حجر ينكرها جدًّا، حتى وهو قائم على المنبر في أثناء خطبته حين يرى من يكتبها انتهى.
__________
شيء، أنت خلقتني وخلقت عرق النسى فيَّ، فلا تسلطه عليَّ بأذى، ولا تسلطني عليه بقطع، واشفني شفاء لا يغادر" أي لا يترك "سقمًا، لا شافي إلا أنت" فلا يكون إلا بمشيئتك.
"وأما حفيظة رمضان" أي الألفاظ التي تكتب فيه للحفظ، فهي "لا آلاء إلا آلاؤك" "بالمد فيها" أي: لا نعم إلا نعمك، "يا الله أنت" وفي نسخة: إنك "سميع عليم محيط به علمك، كعسلهون" "بكاف فعين مهملة مفتوحتين، فسين مهملة ساكنة، فلام مفتوحة، فهاء فواو فنون"، {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} ، وقوله "إلى آخرها" لم يقع في كلام شيخه.
"قال شيخنا" السخاوي في المقاصد: هذه ألفاظ "اشتهرت ببلاد اليمن ومكة ومصر والمغرب، وجملة بلدان إنها حفيظة رمضان" أضيفت إليه لوقوع كتبها فيه، "تحفظ من الغرق والسرق والحرق وسائر الآفات، وتكتب آخر جمعة منه، وجمهورهم يكتبها والخطيب يخطب على المنبر، وبعضهم بعد صلاة العصر، وهذه بدعة لا أصل لها وإن وقعت في كلام غير واحد من الأكابر، بل أشعر كلام بعضهم بورودها في حديث ضعيف. وكان الحافظ ابن حجر ينكرها جدًّا حتى وهو قائم على المنبر في أثناء خطبته حين يرى من يكتبها" ليرجع عن هذه البدعة. "انتهى" كلام شيخه.
وفي التحفة: جزم أئمتنا وغيرهم بحرمة كتابة وقراءة الكلمات الأعجمية التي لا يعرف معناها، وقول بعض: كعسلهون: حية محيطة بالعرش رأسها على ذنبها لا يعول عليه؛ لأن مثل ذلك لا مدخل للرأي فيه، فلا يقبل فيه إلا ما ثبت عن معصوم على أنها بهذا المعنى لا تلائم ما قبلها في الحفيظة، وهو لا آلاء إلا آلاؤك يا الله، كعسلهون، بل هذا اللفظ في غاية الإيهام، ومن ثم قيل إنها اسم صنم أدخلها ملحد على جهلة العوام، وكأن بعضهم أراد دفع ذلك الإيهام، فزاد بعد الجلالة محيط به علمك، كعسلهون، أي كإحاطة تلك الحية بالعرش، وهو غفلة عما تقرر أن هذا لا يقبل إلا ما صح فيه عن معصوم، وأقبح من ذلك ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمس في هذه الجمعة عقب صلاتها، زاعمين إنها تكفر صلوات العام، أو العمر المتروكة، وذلك حرام لوجوه لا تخفى. انتهى.

الصفحة 463