كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

وفي سنن ابن ماجه عن صهيب قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال: "ادن وكل"، فأخذت تمرًا، فأكلت، فقال: "تأكل تمرًا وبك رمد"؟ فقلت: يا رسول الله، أمضغ من الناحية الأخرى، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم حمى إلى علي من الرطب لما أصابه الرمد.
وفي البخاري من حديث سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين".
والكمأة: نبات لا ورق لها ولا ساق، يوجد في الأرض من غير أن يزرع.
__________
"وفي سنن ابن ماجه عن صهيب" بن سنان الرومي، الصحابي الشهير، يقال اسمه عبد الملك، وصهيب لقب، مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين، "قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر، فقال: "ادن وكل"، فأخذت تمرًا، فأكلت، فقال" أ "تأكل" "فهمزة الاستفهام مقدرة"، ويأتي في النوع الثالث، ذكره بالهمزة "تمرًا وبك رمد" والاستفهام للتوبيخ، ولا ينافي أمره له بالأكل لأنه عنده الخبز، فيصدق بالأكل، منه فقط، أو علم أنه لا يضره أكل التمر، وإنما قصد بالاستفهام المباسطة، "فقلت: يا رسول الله أمضغ من الناحية الأخرى" فيه أن رمده كان بإحدى عينيه فقط، "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" تعجبًا؛ لأنه إن كان يضربه لم يفده المضغ من ناحية العين التي لا رمد بها.
"وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم حمى إلى علي من الرطب لما أصابه الرمد" لأنه حار كالرمد فيقوي ضرره.
"وفي البخاري" ومسلم والترمذي، "من حديث سعيد بن زيد" بن عمرو بن نفيل العدوي، أحد العشرة، "قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الكمأة" "بفتح الكاف وسكون الميم وهمزة مفتوحة" وفي العامة من لا يهمزه واحدة الكمء "بفتح فسكون فهمز" مثل تمرة وتمر، وعكس ابن الأعرابي، فقال: الكمأة الجمع، والكمء الواحد على غير قياس، قال: ولم يقع في كلامهم نظير هذا سوى جبأة وجب، وقيل: الكمأة قد تطلق على الواحد وعلى الجمع، وقد جمعوها على أكمؤ، قال الشاعر:
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
والعساقل "بمهملتين وقاف ولام" السراب، وكأنه أشار إلى أن محمل وجدان إلا كمؤ الفلوات "من المن" "بفتح الميم وشد النون" زاد في رواية أبي نعيم من حديث أبي سعد: والمن من الجنة، "وماؤها شفاء للعين" أي لدائها، كذا لأكثر رواة البخاري، وكذا عند مسلم، وللمستملي: من العين، أي من داء العين، "والكمأة نبات لا ورق لها ولا ساق، يوجد في

الصفحة 475