كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
وروى الطبراني من طريق بن المنكدر عن جابر قال: كثرت الكمأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فامتنع قوم من أكلها وقالوا: هو جدري الأرض، فبلغه ذلك فقال: "إن الكمأة ليست جدري الأرض، لا إن الكمأة من المن".
__________
الأرض من غير أن يزرع".
زاد الحافظ: قيل: سميت بذلك لاستتارها، يقال: كمأ الشهادة إذا كتمها، ومادة الكمأة من جوهر أرض بخارى، يحتقن نحو سطح الأرض ببرد الشتاء، وينميه مطر الربيع، فيتولد ويندفع متجسدًا، ولذا كان بعض العرب يسميها جدري الأرض تشبيهًا لها بالجدري مادة وصورة؛ لأن مادته رطوبة تندفع غالبًا عند الترعرع، وفي ابتداء استيلاء الحرارة ونماء القوة ومشابهتها له في الصورة ظاهرة.
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: الكمأة جدري الأرض، فقال صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من المن" الحديث.
"وروى الطبراني من طريق" محمد "بن المنكدر عن جابر، قال: كثرت الكمأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فامتنع قوم من أكلها، وقالوا: هو جدري الأرض" لمشابهته للجدري مادة وصورة، "فبلغه" صلى الله عليه وسلم "ذلك: فقال: "إن الكمأة ليست جدري الأرض، ألا" "بالفتح والتخفيف" "إن الكمأة من المن".
قال الحافظ: هذا الحديث والذي قبله، يعني حديث أبي هريرة، كل منهما صريح في أنه سبب لقوله: الكمأة من المن الحديث، العرب تسمي الكمأة أيضًا نبات الرعد؛ لأنها تكثر بكثرته، ثم تنفطر عنها الأرض، وهي كثيرة بأرض العرب، وتوجد بالشام ومصر، وأجودها ما كانت أرضه رملة قليلة الماء، ومنها صنف قتال يضرب لونه إلى الحمرة، وهي باردة رطبة في الثالثة، رديئة للمعدة بطيئة الهضم.
زاد بعضهم: أكلها يورث القولنج والسكت والفالج وعسر البول، والرطب منها أقل ضررًا من اليابس، وإذا دفنت في الطين الرطب، ثم صلقت بالماء والملح والصعتر وأكلت بالزيت والتوابل الحارة قل ضررها، ومع ذلك ففيها جوهر مائي لطيف بدليل خفتها، فلذا كان ماؤها شفاء للعين.
وقال ابن البيطار: الغذاء المتولد منه غليظ وليس برديء، الكيموس وينفع المعدة الحارة؛ لأنه بارد رطب وماؤه يجلو البصر، وإذا ربي به الأثمد نفع جدًّا ودفع نزول الماء.
وقال ابن خالويه: يعصر ماؤه ويخلط به أدوية، فيكتحل به، وقال ابن العربي: الصحيح أنه ينفع من وجع العين مفردًا ومركبًا، وقال غيره: إن كان عن حرارة نفع مفردًا، وإلا مركبًا.