كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
فيها ملح، ثم يؤخذ غطاء جديد نقي فيجعل على القدر، فما جرى على الغطاء من بخار الكمأة فذلك الماء الذي يكتحل به.
وقال ابن واقد: إن ماء الكمأة إذا عصر وربي به الأثمد كان من أصلح الأشياء للعين إذا اكتحل به وحده يقوي أجفانها، ويزيد الروح الباصرة قوة وحدة، ويدفع عنها نزول النوازل، وقال أيضًا: إذا اكتحل بماء الكمأة بميل من ذهب تبين للفاعل لذلك قوة عجيبة وحدة في البصرة كثيرة.
__________
ثم يؤخذ غطاء جديد نقي" "بنون فقاف" "من" الدنس، "فيجعل على القدر، فما جرى" أي سال "على الغطاء من بخار الكمأة، فذلك الماء الذي يكتحل به".
"وقال ابن واقد: إن ماء الكمأة إذا عصر وربي به الأثمد كان من أصلح الأشياء للعين، إذا اكتحل به وحده يقوي أجفانها ويزيد الروح الباصر قوة وحدة، ويدفع عنها نزول النوازل" ووصف الروح بالباصر بناء على أن القوى التي في البدن تسمى أرواحًا، فيقال: الروح الباصر والروح السامع والروح الشام، كما قاله ابن القيم.
"وقال" ابن واقد: "أيضًا إذا اكتحل بماء الكمأة بميل من ذهب، تبين للفاعل لذلك قوة عجيبة وحدة في البصر كثيرة" ولم يذكر المصنف القول الثاني، وهو: أن المراد ماؤها الذي تنبت به، فإنه أول مطر يقع في الأرض فتربى به الأكحال، حكاه ابن الجوزي، عن أبيبكر بن عبد الباقي: فتكون الإضافة إضافة الكل لا إضافة جزء، كأنه يقول ابن القيم: هذا أضعف الوجوه.
قال الحافظ: وفيما ادعاه ابن الجوزي من الاتفاق على أنها لا تستعمل صرفًا نظر، فقد حكى عياض عن بعض أهل الطب في التداوي بماء الكمأة تفصيلًا، وهو: إن كان لتبريد ما بالعين من الحرارة، فماؤها مجردً شفاء، وإلا فتستعمل مركبة، وبهذا جزم ابن العربي، فقال الصحيح: إنه ينفع بصورته في حال، وبإضافته في أخرى، وقد جرب ذلك فوجد صحيحًا.
نعم، جزا الخطابي بمال ابن الجوزي، فقال: تربى بالتوتيا وغيرها من الأكحال، ولا تستعمل صرفًا؛ لأنه يؤذي العين، وقال النووي: الصحيح، بل الصواب أن ماءها شفاء للعين مطلقًا، فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه، قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان أعمى، فذهب بصره حقيقة، فكحل عينيه بماء الكمأة مجردًا، فشفي وعاد إليه بصره، وهو الشيخ العدل الأمين، الكمال بن عبد الدمشقي، صاحب صلاح، ورواية في الحديث، وكان استعماله لماء الكمأة اعتقادًا في الحديث وتبركًا به، فنفعه الله به، قلت: الكمال المذكور هو كمال الدين عبد العزيز بن عبد المنعم بن الخضر، يعرف بابن عبد بغير إضافة الحارثي، الدمشقي، من أصحاب أبي طلفر الخشوعي، سمع منه جماعة من شيوخ شيوخنا، عاش ثلاثًا وثمانين سنة، ومات سنة