كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
وقوله: "تدغرن" خطاب للنسوة، وهو بالغين المعجمة والدال المهملة، والدغر: غمز الحلق.
عن جابر بن عبد الله قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها صبي يسيل منخراه، دمًا، فقال: "ما هذا؟ به العذرة، أو وجع في رأسه"، فقال: "ويلكن لا تقتلن أولادكن، أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطًا هنديًا فلتحله
__________
"بضم الكاف وسكون السين المهملة والتاء المثناة آخره"، وفي الطريق الآتي: "بالقاف، ثم السين، ثم الطاء، وهما لغتان"، "وهو العود الهندي".
قال ابن العربي: القسط نوعان: هندي، وهو أسود، وبحري، وهو أبيض؛ والهندي أشدهما حرارة، وقال القرطبي: البحري الأبيض أحد نوعي العود الهندي، قال الحافظ: كذا وقع الاقتصار في الحديث من السبعة على اثنين، فإما أن يكون ذكر السبعة، فاختصر الراوي، أو اقتصر عليه السلام على الاثنين، لوجودهما حينئذ دون غيرهما.
وقد ذكر الأطباء: من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول، ويقتل ديدان الأمعاء، ويدفع السم وحمى الربع والورد، ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع، ويذهب الكلف طلاء، فذكروا أكثر من سبعة.
وأجاب بعض الشراح بأن السبعة علمت بالوحي، وما زاد عليها بالتجربة، فاقتصر على ما هو بالوحي لتحققه، وقيل: ذكر ما يحتاج إليه دون غيره؛ لأنه لم يبعث بتفاصيل ذلك، قلت: ويحتمل أن تكون السبعة أصول صفة التداوي به؛ لأنها إما طلاء أو شرب أو تكميد أو تنطيل أو تبخير أو سعوط أو لدود؛ فالطلاء يدخل في المراهم ويخل بالزيت ويلطخ، وكذلك التكميد والشرب يسحق ويجعل في عسل أو ماء أو غيرهما، وكذا التنطيل والسعوط يسعط في زيت ويقطر في الأنف، وكذا الدهن والتبخير واضح، وتحت كل واحد من السبعة منافع لأدواء مختلفة، ولا يستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم.
"وقوله: تدغرن خطاب للنسوة، وهو بالغين المعجمة" المفتوحة مضارع دغر، كمنع، "والدال المهملة" قال القرطبي: لا يجوز غيره، "والدغر غمز الحلق" قال القرطبي: والمراد به هنا رفع الحنك، وأصله الدفع، ونهى عن ذلك لما فيه من تعذيب الصبي، ولعله يزويد في وجعه.
"و" أخرج أحمد وأصحاب السنن، "عن جابر بن عبد الله، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها صبي" صغير، "يسيل منخراه دمًا، فقال: "ما هذا"؟ الذي بهذا الصبي "قالوا: به العذرة أو وجع في رسه، فقال: "ويلكن" كلما تقال لمن وقع في هلكة، ولا يترحم