كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
ذلك وأرشدهم إلى ما هو أنفع للأطفال وأسهل عليهم.
والسعوط: ما يصب في الأنف.
وقد استشكل معالجتها -أي العذرة- بالقسط مع كونه حارًا، والعذرة إنما تعرض في زمن الحر بالصبيان، وأمزجتهم حارة، لا سيما وقطر الحجاز حار؟
وأجيب: بأن مادة العذرة دم يغلب عليه البلغم، وفي القسط تجفيف للرطوبة وقد يكون نفعه في هذا الداء بالخاصية، وأيضًا فالأدوية الحارة قد تنفع من الأمراض الحارة بالعرض كثيرًا، بل وبالذات أيضًا، وقد ذكر ابن سينا في معالجة سقوط اللهاة بالقسط مع الشب اليماني، على أنا لو لم نجد شيئًا من التوجيهات لكان أمر المعجزة خارجًا عن القواعد الطبيعية.
__________
الموضع، فيفنجر منه دم أسود، وربما أقرحه، وذلك الطعن يسمى دغرًا، فمعنى تدغرن أولادكن، أنها تغمز حلق الولد بإصبعها، فترفع ذلك الموضع وتكبسه بهذا العلاق.
زاد في النهاية: وكانوا بعد ذلك يعلقون عليه علاقًا، كالعوذة، "فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأرشدهم إلى ما هو أنفع للأطفال وأسهل عليهم" فإنه يصل إلى العذرة فيقضها؛ لأنه حار يابس، "والسعوط" "بفتح السين وضم العين المهملتين" "ما يصب في الأنف" أما بضم السين، فالفعل الذي هو سب الدواء في الأنف.
"وقد استشكل معالجتها أي العذرة بالقسط مع كونه حارًا" يابسًا، "والعذرة إنما تعرض في زمن الحر بالصبيان وأمزجتهم حارة، لا سيما وقطر الحجاز حار" فكيف يعالج الشيء بما يقويه.
"وأجيب: بأن مادة العذرة" أصلها الذي تولدت منه "دم يغلب عليه البلغم، وفي القسط تجفيف للرطوبة" البلغمية، "وقد يكون نفعه في هذا الداء" أي المرض "بالخاصية" وإن كان حارًا، "وأيضًا فالأدوية الحارة قد تنفع من الأمراض الحارة بالعرض كثيرًا، بل وبالذات أيضًا".
"وقد ذكر ابن سينا في معالجة سقوط اللهاة بالقسط" الباء زائدة، ولم تقع في الفتح "مع الشب اليماني، على أنا لو لم نجد شيئًا من التوجيهات لكان أمر المعجزة خارجًا عن القواعد الطبيعية" أي لكان الشفاء مع وجود سبب منعه أمرًا خارقًا للعادة.
وقال النووي: اعترض من في قلبه مرض، فقال: أجمع الأطباء على أن مداواة ذات الجنب بالقسط خطر جدًّا، لفرط حرارته.
قال المازري: وقد كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، فقد ذكر جالينوس؛ أن القسط ينفع من وجع الصدر، وذكر بعض قدماء الأطباء أنه يستعمل لجذب الخلط من باطن البدن إلى ظاهره، وهذا يبطل ما زعمه المعترض الملحد. انتهى.
والمازري أطال النفس في ذكر منافع القسط التي تطابق عليها الأطباء في كتبهم، ثم قال فأنت ترى هذه المنافع التي ذكرها الأطباء، فتعلم أنه ممدوح شرعًا وطبًّا.