كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39] فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والعادة والزمان والغذاء المألوف، والتدبير وقوة الطبيعة، وعلى أن الإسهال يحدث من أنواع: منها الهيضة التي تنشأ عن تخمة، واتفقوا على أن علاجها بترك الطبيعة وفعلها، فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة، فكأن هذا الرجل كان استطلاق بطنه من تخمة أصابته فوصف له صلى الله عليه وسلم العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة من أخلاط لزجة تمنع استقرار الغذاء فيها، وللمعدة خمل كخمل المنشفة، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها وأفسدت الغذاء الواصل إليها، فكان دواؤها باستعمال ما يجلو تلك الأخلاط، ولا شيء في ذلك مثل العسل، لاسيما إن مزج بالماء الحار، وإنما لم
__________
العسل من الإسهال، كما أن المشركين بادروا إلى إنكار كون القرآن منزلًا من عند الله، لعدم وصولهم إلى فهم معانيه وما يراد به؛ "فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن" لمن قام به، فليس علاج الشيخ كعلاج الصبي، "والعادة" أي ما يعتاد له فعله من مشي وركوب وسهر ونوم ولبس وغير ذلك، "والزمان" فليس دواؤه في نحو الصيف، كدوائه في نحو الشتاء، "والغذاء المألوف" إذ قد يحدث المرض بمخالفته، فعلاجه برده إلى المألوف، "والتدبير" أي التأمل في صفة استعمال الدواء بمعرفة قدره وصفة تركيبه وغير ذلك، ككونه يستعمل بعد غليه بالنار، أو تسخينه فقط، بحيث يزول برده، أو باردًا، "وقوة الطبيعة" على القدر الذي يجعل من الدواء لها؛ "و" اتفقوا "على أن الإسهال يحدث من أنواع، منها: الهيضة" أي المرض الناشئ من اجتماع فضول في المعدة، هذا المراد هنا بدليل قوله: "التي تنشأ عن تخمة" "بوزن رطبة" أي فساد المعدة من الأخلاط المجتمعة فيها كما يأتي.
"واتفقوا على أن علاجها بترك الطبيعة وفعلها" فلا يستعمل لها قابض لئلا تحتبس تلك الفضول فيتولد منها مزيد الضرر، "فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة"، وحبسه عنه ضرر واستعجال مرض، "فكان هذا الرجل، كان استطلاق بطنه من تخمة أصابته، فوصف له صلى الله عليه وسلم العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة، من أخلاط لزجة" "بزاي وجيم"، أي متعلقة بها "تمنع استقرار الغذاء فيها، وللمعدة خمل" "بكسر المعجمة وميم ساكنة"، "كخمل المنشفة" "بكسر الميم اسم آلة" "فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها، وأفسدت الغذاء الواصل إليها، فكان دواؤها باستعمال ما يجلو" يزيل "تلك الأخلاط، ولا شيء في ذلك" نافع "مثل العسل، لا سيما إن مزج بالماء الحار، وإنما لم يفسده في أول

الصفحة 489