كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

وقال ابن الجوزي: في وصفه صلى الله عليه وسلم العسل لهذا المسهل أربعة أقوال:
أحدها: أن حمل الآية على عمومها في الشفاء أولى، وإلى ذلك أشار بقوله صلى الله عليه وسلم: صدق الله، أي في قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} فلما نبه على هذه الحكمة تلقاها بالقبول فشفي بإذن الله تعالى.
الثاني: أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم من التداوي بالعسل في الأمراض كلها.
الثالث: أن الموصوف له ذلك كان به هيضة، كما تقدم تقريره.
__________
من كلامه ما يقصر عن إدراكه أن يعلم أن القول حق في نفسه، وينسب القصور إلى نفسه، ثم إن كان الصادق بين كيفية العمل بذلك الشيء، فليبحث عنه، فإذا انكشف له، علم أن ذلك هو الذي أراد الصادق، وهذا إنما يخاطب به علماء الطب المسلمون؛ وأما بيان جهله بصناعة الطب، فإنه حاد في النقل، حيث أطلق في محل التقييد، ونقل إجماعًا لا يصح، وبيان ذلك ما قاله الإمام المازري: الأشياء التي يفتقر فيها إلى تفصيل، فلما يوجد فيها مثل ما يوجد في صناعة الطب، فإن المريض المعين يجد الشيء دواء في ساعة، ثم يصير داء له في الساعة التي تليها، لعارض يعرض له من غضب يحمي مزاجه، فينتقل علاجه إلى شيء آخر بسبب ذلك، وذلك مما لا يحصى كثرة؛ وقد يكون الشيء شفاء في حالة، وفي شخص، فلا يطلب الشفاء به في سائر الأحوال، ولا في كل الأشخاص، والأطباء مجمعون على أن العلة الواحدة يختلف علاجها باختلاف السن، فذكر نحو ما في المصنف، ثم قال: وبه علم جهالة المعترض، ولسنا نستدل على صدقه صلى الله عليه وسلم بصدق الأطباء، بل لو كذبوه كذبناهم وكفرناهم، وإنما خرجنا على ما يصح من قواعدهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يكذب، وبينا به جهالة المعترض بالصفة التي ينتمي إليها. انتهى.
"وقال ابن الجوزي: في وصفه صلى الله عليه وسلم العسل لهذا المسهل" "بضم، فسكون، ففتح"، أي الشخص المسهل "أربعة أقوال، أحدها: إن حمل الآية على عمومها في الشفاء أولى" بالقبول، "وإلى ذلك أشار بقوله صلى الله عليه وسلم: صدق الله، أي في قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} فلما نبه على هذه الحكمة تلقاها المسهول "بالقبول، فشفي بإذن الله تعالى".
"الثاني: أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم" أي العرب "من التداوي بالعسل في الأمراض كلها" وهذا ضعيف كما يأتي، بل باطل؛ إذ لو كان كذلك ما حسن استدلاله صلى الله عليه وسلم، بقوله: صدق الله.
"الثالث: أن الموصوف له ذلك كان به هيضة، كما تقدم تقريره" وهو وجيه، واقتصر عليه المازري وغيره.

الصفحة 491