كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

الرابع: يحتمل أن يكون أمره بطبخ العسل قبل شربه، فإنه يعقد البلغ، فلعله شربه أو لا بغير طبخ، انتهى.
والثاني والرابع ضعيفان.
ويؤيد الأول حديث ابن مسعود: عليكم بالشفاءين العسل والقرآن أخرجه ابن ماجه والحاكم مرفوعًا، وأخرجه ابن أبي شيبة والحاكم أيضًا موقوفًا، ورجاله رجال الصحيح. وأثر علي: إذا اشتكى أحدكم فليستوهب من امرأته شيئًا من صداقها درهمًا فليشتر به عسلًا، ثم يأخذ ماء السماء، فيجمع هنيئًا مريئًا مباركًا، أخرجه
__________
"الرابع": يحتمل "أن يكون أمره بطبخ العسل قبل شربه، فإنه يعقد البغم، فلعله شربه أولا بغير طبخ، انتهى. والثاني والرابع ضعيفان" قد علم ضعف الثاني، ولعل وجه الرابع احتياجه إلى قرينة تدل عليه، أو أن القرينة دلت على خلافه.
"ويؤيد الأول حديث ابن مسعود: عليكم" أي ألزموا التداوي "بالشفاءين العسل" لعاب النحل، أو طل خفي يقع على الزهر وغيره، فتلقطه النحل، وقيل: بخار يصعد في الجو، فيستحيل ويغلظ بالليل، ويقع عسلًا، فتجنيه النحل وتغتذي به، فإذا شبعت جنت منه مرة أخرى، ثم تذهب به إلى بيوتها وتضعه فيها؛ لأنها تدخر لنفسها غذاءها، وقيل: إنها تأكل من الأزهار الطيبة والأوراق العطرة، فيقلب الله تلك الأجسام في داخل أبدانها عسلًا، ثم إنها تقيء ذلك، فهو العسل، وأصلحه الربيعي، ثم الصيفي، وأما الشتائي فرديء، وما يؤخذ من الجبال والشجر أجود مما يؤخذ من الخلايا، وهو بحسب مرعاه، ومن العجب أن النحل يأكل من جميع الأزهار، ولا يخرج منه إلا حلو، مع أن أكثر ما يجنيه مر، وله زهاء مائة اسم "والقرآن" جمع في هذا احديث بين الطب البشري والإلهي، وبين الفاعل الطبيعي والروحاني، وطب الأجساد وطب الأرواح، والسبب الأرضي والسماوي، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} .
"أخرجه ابن ماجه والحاكم مرفوعًا" عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الحاكم: إنه على شرط الشيخين، "وأخرجه ابن أبي شيبة والحاكم أيضًا موقوفًا" على ابن مسعود
"ورجاله رجال الصحيح" وقال البيهقي في الشعب الصحيح، موقوف على ابن مسعود، "و" يؤيده أيضًا "أثر علي" كرم الله وجهه: "إذا اشتكى" أي مرض "أحدكم، فليستوهب" يطلب "من امرأته" أن تهبه "من صداقها درهمًا، فليشتر به عسلًا، ثم يأخذ ماء السماء" أي المطر، "فيجمع" دواء "هنيئًا مريئًا مباركًا" لبركته من العسل الذي فيه شفاء للناس، ومن ماء السماء الذي قال تعالى فيه: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] .
"أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن" عن علي موقوفًا عليه، "وروينا عنه"

الصفحة 492