كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن.
وروينا عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: إذا أراد أحدكم الشفاء فليكتب آية من كتاب الله في صحيفة وليغسلها بماء السماء وليأخذ من امرأته درهمًا عن طيب نفس منها، فليشتر به عسلًا فليشربه فإنه شفاء.
قال الحافظ ابن كثير، بعد أن ذكره، أي من وجوه: قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [الإسراء: 82] وقال: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] ، وقال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وقال في العسل: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} [النحل: 69] .
__________
أي عن علي "رضي الله تعالى عنه أنه قال: إذا أراد أحدكم الشفاء فليكتب آية من كتاب الله" أي آية كانت "في صحيفة وليغسلها بماء السماء وليأخذ من امرأته درهمًا" من صداقها، كما في الرواية قبلها، فيحمل المطلق على المقيد، "عن طيب نفس منها" فإن خلا عن ذلك لم يفد، "فليشتر به عسلًا فليشربه فإنه شفاء".
"قال الحافظ ابن كثير، بعد أن ذكره" أي أثر علي، "أي" إنه شفاء "من وجوه" أربعة: الأولى: "قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [الإسراء: 82] وقال: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] " كثير البركة، وهذا الوجه الثاني، "وقال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] "، تمييز محول عن الفاعل، أي إن طابت أنفسهن عن شيء من الصداق فوهبنه لكم، "فكلوه هنيئًا" طيبًا "مريئًا"، محمود العافية، لا ضرر فيه، وهذا الوجه الثالث.
"وقال في العسل: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} [النحل: 69] " وهذا رابع الوجوه، وضمير فيه للعسل، وقول مجاهد للقرآن.
صحيح في نفسه، لكن ليس هو الظاهر من سياق الآية؛ لأنها إنما فيها ذكر العسل، ولم يتابع مجاهد على قوله هذا، ثم قيل: المراد بالآية الخصوص، أي شفاء من بعض الأدواء، ولبعض الناس، قال القرطبي: لأن شفاء نكرة في سياق الثبوت، فلا تعم، وجعلها بعض أهل الصدق على العموم، فكانوا يستشفون به في كل الأمراض لصدق القرآن، وكان ابن عمر لا يشتكي قرحة ولا شيئًا إلا جعل عليه العسل، فقيل له في ذلك، فقال: أليس الله تعالى يقول: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} [النحل: 69] ، ومرض عوف بن مالك الأشجعي، الصحابي، فقال: ائتوني بماء، فإن الله تعالى يقول: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] ، ثم قال: ائتوني بعسل، وتلا الآية، ثم قال: ائتوني بزيت، وتلا من شجرة مباركة، فخلط ذلك بعضه

الصفحة 493