كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

..................
__________
ببعض، وشربه فعوفي.
وعن أبي وجزة "بجيم وزاي" أنه كان يكتحل بالعسل ويتداوى به، وهذا عمل بمطلق القرآن، وأصله صدق النية والله أعلم.
قال ابن بطال: يؤخذ من قوله: "صدق الله وكذب بطن أخيك"، الألفاظ لا تحمل على ظاهرها؛ إذ لو كان كذلك لبرأ العليل من أول شربة، فلما لم يبرأ إلا بعد التكرار، دل على أن الألفاظ تفتقر إلى معانيها.
قال الحافظ: ولا يخفى تكلف هذا الانتزاع. نعم يؤخذ منه أن الذي يجعل الله فيه الشفاء قد يتخلف لتتم المدة التي قدر الله تعالى فيها الداء، أي المرض.
[ذكر طبه صلى الله عليه وسلم من يبس الطبيعة] :
بما يمشيه ويلينه روى الترمذي وابن ماجه في سننه من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بماذا كنت تستمشين؟ " قالت: بالشبرم، قال: حار حار ثم قالت: استمشيت بالسنى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن شيئًا كان فيه شفاء من الموت لكان في السنى"، قال أبو عيسى هذا حديث غريب، وقد ذكره البخاري في
__________
ذكر طبه صلى الله عليه وسلم من يبس الطبيعة:
وهي المزاج المركب من الأخلاط، والإضافة لامية "بما يمشيه" أي اليبس، أي يسهله "ويلينه" تليينًا دون الإسهال، فالعطف مغاير لا تفسير، وعدل عن وصف الطبيعة بالتمشية؛ لأن الذي يتصف بها، وإنما هو يبسها لا نفسها الذي هو المزاج، ثم الطب الدواء النافع، فذكره النهي عن الشبرم تبعًا للإقرار على السنى، أو أراد بالطب ما يشمل دفع المضرة.
"روى الترمذي وابن ماجه في سننه" وأحمد والحاكم "من حديث أسماء بنت عميس" "بمهملتين مصغر" "قالت: قال" لي "رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بماذا" أي بأي دواء "كنت تستمشين" أي تطلبين مشي بطنك، أي إخراج ما فيه، "قالت: "بالشبرم" "بضم الشين المعجمة والراء، بينهما موحدة ساكنة، وآخره ميم" وقد يفتح أوله، "قال: حار حار" أي شديد الحرارة، فالثاني تأكيد لفظي، ويحتمل أن الثاني، "بجيم وشد الراء اتباع لحار بمهملتين" كما في النهاية، يقال: حار جار، ويقال حار يار بمثناة تحتية على الاتباع أيضًا، "ثم قالت: استمشي بالسنى" "بفتح السين والنون والقصر" وقد يمد لا تحصى منافعه، "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن شيئًا كان فيه شفاء من الموت لكان في السنى" مبالغة في كثرة منافعه.
"قال أبو عيسى" الترمذي: "هذا حديث غريب" وصححه الحاكم وأقره الذهبي، "وقد

الصفحة 494