كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله: "عليكم بالسنى والسنوت، فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام"، قيل: يا رسول الله وما السام؟ قال: "الموت".
قالوا: والشبرم: قشر عرق شجرة، وهو حار يابس في الدرجة الرابعة، وهو من الأدوية التي منع الأطباء من استعمالها لخطرها وفرط إسهالها.
وأما السنى، فهو نبت حجازي، وأفضله المكي، وهو دواء شريف مأمون الغائلة، قريب من الاعتدال، حار يابس في الدرجة الأولى، يسهل الصفراء والسوداء، ويقوي جرم القلب، وهذه فضيلة شريفة، ومن خاصيته النفع من الوسواس
__________
أي: الكعبة وبيت المقدس، "يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليكم بالسنى والسنوت".
قال ابن الأثير: يروى "بضم السين والفتح" أفصح، وفي الدر "بفتح السين" أفصح من ضمها، قال ابن الجوزي: "وبضم النون"، وفي القاموس: السنوت كتنور وسنور، "فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام" "بمهملة من غير همز" "قيل: يا رسول الله، وما السام؟، قال: "الموت" فيه: أن الموت داء من جملة الأدواء، وقال الشاعر:
كذاك الموت ليس له دواء
قال الحاكم: حديث صحيح، ورده الذهبي بأن عمرو بن بكر اتهمه ابن حبان، وقال ابن عدي: له مناكير، "قالوا: والشبرم قشر عرق شجرة" وفي النهاية حب يتداوى به، وقيل: هو الشيح، وفي القاموس الشبرم، كقنفذ، ويفتح: شجر ذو شوك، يقال: ينفع من الوباء ونبات آخر له حب كالعدس، وأصل غليظ ملآن لبنًا، والكل مسهل، واستعمال لبنه خطر، وإنما يستعمل أصله مصلحًا؛ بأن ينقع في الحليب يومًا وليلة، ويجدد اللين ثلاث مرات، ثم يجفف وينقع في عصير الهندباء والرازيانج، ويترك ثلاثة أيام، ثم يجفف ويعمل منه أقراص مع شيء من التربذ والهليلج والصبر؛ فإنه دواء فائق، "وهو حار يابس في الدرجة الرابعة، وهو من الأدوية التي منع الأطباء من استعمالها، لخطرها وفرط إسهالها" وإنما أجازوه بالتدبير الذي رأيته عن القاموس، ولم يكتف بقوله: إياكم والشبرم، قصدًا للجمع بين السنة وبين ما تطابقت عليه الأطباء، ولدفع توهم أنه أريد بالحديث نهي أهل الحجاز لحرارة أرضهم.
"وأما السنى، فهو نبت حجازي، أفضله المكي، وهو دواء شريف مأمون الغائلة" أي الفساد، أي لا ضرر فيه، "قريب من الاعتدال، حار يابس في الدرجة الأولى، يسهل الصفراء والسوداء" زاد القاموس: والبلغم، وزاد غيره: والدم، فهو موافق للأخلاط الأربعة، بعضها بالطبع، وبعضها بالخاصية على زعم الأطباء، "ويقوي جرم القلب، وهذه فضيلة شريفة، ومن خاصيته النفع من الوسواس السوداوي" أي الناشئ من غلبة خلط السوداء يقبض.