كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

وهذا الحديث من الخطاب العام الذي أريد به الخاص، كأهل المدينة ومن جاورهم. والتمر لأهل المدينة كالحنطة لغيرهم.
و"اللدود": ما يسقاه الإنسان من أحد جانبي الفم.
وفي التمر خاصية عجيبة لهذا الداء، سيما تمر المدينة، ولا سيما العجزة، وفي كونها سبعًا خاصية أخرى تدرك بالوحي.
وفي الصحيحين "من تصبح بسبع تمرات عجوة من تمر العالية لم يضره
__________
المسمى بذلك، "فليجأهن" "بفتح الفاء وسكون اللام وفتح التحتية والجيم والهمز وضم الهاء وشد النون"، أي فليدقهن، وبه سميت الوجيئة، وهو تمر يبل بلبن، ثم يدق حتى يلتئم، كما في النهاية، وفي نسخة: فليحلهن، أي ينقعهن في الماء "بنواهن" ليخرج خاصيته، ولكنها تصحيف مخالف للنهاية، "ثم ليلد بهن الفؤاد".
وفي رواية ابن منده: مرض سعد، فعاده النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إني لأرجو أن يشفيك الله"، ثم قال للحارث بن كلدة: "عالج سعدًا مما به"، فذكر الحديث، فكان سعدًا لما أتى الحارث جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو لقيه من غير مجيء، فقال له: عالج إلى آخره، فلا خلف، ثم حاصله، أنه صلى الله عليه وسلم وصف الدواء، وإنما أمر الحارث بصنعه وتركيبه فقط.
"وهذا الحديث من الخطاب العام، الذي أريد به الخاص، كأهل المدينة ومن جاورهم، والتمر لأهل المدينة" لكونه غذاء لهم، "كالحنطة لغيرهم" كأن الخطاب العام مأخوذ من قوله: فإنه رجل متطبب، ثم وصف له الدواء، فيفيد عمومه، حتى كأنه قيل: هذا دواء لكل مفؤود، مع أن المراد مفؤود خاص، كالمدني، وإلا فليس في الحديث خطاب عام البتة؛ لأنه إنما وصف لشخص مدني في مرضه، "واللدود" "بفتح اللام ومهملتين "ما" أي الدواء الذي "يسقاه الإنسان من أحد جانبي الفم" أي يصب من أحد جانبي فم المريض، وبضم اللام الفعل، كما في الفتح وغيره، زاد في المفهم، أو أدخل من هناك بإصبع "وفي التمر خاصية عجيبة لهذا الداء، سيما تمر المدينة، ولا سيما العجوة" نوع من أجود تمر المدينة.
قال القزاز: إنه مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة، "وفي كونها سبعًا، خاصية أخرى تدرك بالوحي" لا بغيره؛ إذ لا مدخل للعقل في ذلك.
"وفي الصحيحين" البخاري في الأطعمة والطب، ومسلم في الأطعمة، وأبو داود في الطب، والنسائي في الوليمة، كلهم من حديث عامر بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تصبح" "بفوقية مفتوحة وصاد مهملة وموحدة مشددة"، أي أكل صباحًا قبل أن يأكل شيئًا، وأصل الصبوح والاصطباح تناول الشراب صبحًا، ثم استعمل في الأكل؛ لأن

الصفحة 499